تقوم هيئة الصحة في أبوظبي، بتنظيم العديد من حملات التوعية والوقاية من بعض الأمراض والعلل المزمنة والمستعصية ولأجل تكريس الممارسات والعادات الصحية السليمة. إلا أن هذه الحملات، مع كثرة عددها ومناسباتها والأيام العالمية الخاصة بها، فقدت زخم البدايات الأولى والاهتمام والمتابعة من قبل القائمين عليها، هكذا يبدو الأمر بالنسبة للمتابع، على الرغم من حجم الإعلانات المدفوعة الثمن في مختلف وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية والتي تغمرنا بها الجهات المنظمة والمشاركة والراعية للحدث. ولعل أحدث مثال على هذا التراجع من واقع الحملة الأخيرة التي تم الإعلان عنها بشكل مكثف والتي انطلقت تحت شعار “خيارات صحية لقولون سليم”، ولأجلها أقامت الهيئة مجسماً في أحد المراكز التجارية استقطب اهتمام شرائح واسعة من مرتادي المركز. وقد وضعت في الإعلان الرقم المجاني الخاص بأبوظبي، وهناك المتصل وحظه، فإما أن يرد عليه موظف لديه فكرة عن الحملة أو آخر يطلب منه الانتظار ريثما يعرف بالحملة، وفي كلتا الحالتين يكتفي بتزويده بأرقام المستشفيات المشاركة في الحملة وعددها أربع، اثنان حكومية والآخران يتبعان شركات خاصة. وعندما يختار الاتصال بمستشفى حكومي للاطمئنان يستغرق الأمر طويلاً مع البدالة الإلكترونية ريثما يرد عليه أحد على الطرف الآخر، ويتعامل معه كأي مراجع يطلب تحديد موعد، أي أنه لا توجد ترتيبات خاصة بكل حملة على حدة. وفي مناسبة أخرى سجل أحد الأشخاص اسمه ضمن برنامج السيطرة على السكري والبدانة، ليجد نفسه في جدل حول نوعية بطاقة التأمين التي يحملها، وما إذا كانت “ثقة” أو”ضمان”، ليفاجأ بعد ذلك بإرسال وثائق مدفوعة أجرة إعادة إرسال لا تخصه، وإنما تخص مراجعة أخرى، اتصل مجدداً بالجهة المرسلة لاستعادة تلك الأوراق التي كما قلت تحوي تكاليف النقل الخاص بها من دون جدوى. مواقف تثير الكثير من التساؤلات حول جدية المتابعة والتنفيذ لحملات في غاية الأهمية، خاصة مع المكانة المتقدمة للبرامج الوقائية في استراتيجية هيئة الصحة والتي تخدم التوجهات العامة في أجندة الحكومة لبناء مجتمع أفراده يتمتعون بالصحة والعافية قادرون على العطاء والإنتاج ويسهمون بفعالية في تعزيز وصون ما تحقق من منجزات ومكتسبات. بعض المراكز الصحية الخاصة استهوتها الحملات الصحية التوعوية، فتراها تقيم منصة في هذا المركز التجاري أو ذاك من “المولات” المنتشرة، وذلك لإجراء بعض الفحوصات الطبية السريعة، والتي أقبل عليها مرتادو تلك المراكز اعتقاداً منهم بأنها مجانية قبل أن يكتشفوا بأنها مقابل رسوم ليست بالرمزية، وإنما لاستدراجهم لمراجعة العيادات التي تتبعها الحملة، وأن المسألة محض تجارية و”بزنس”. أما الحديث عن الشراكة والمسؤولية المجتمعية فقلة هي الجهات الخاصة التي تعتني به، وتهتم بالمشاركة الحقيقية في تحمل المسؤوليات المترتبة عليها. ونحن بحاجة لجهد فعلي وواقعي نستعيد به الثقة في جدوى مثل تلك الحملات الصحية والأهداف المتوخاة منها لصالح المجتمع. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae