نسمع كثيراً عن رغبة المسؤول الفلاني في الترشح لعضوية اتحادات قارية ودولية، نستغرب أحياناً لماذا يبحث هذا المسؤول عن مقعد خارجي، ومقعده الداخلي شاغر من الأساس، فهل يجوز البحث عن تطوير العمل قارياً ودولياً، بينما العمل محلياً يشتكي ويئن ويعاني فرط الإهمال وضبابية الرؤية وغياب الاستراتيجية.
المسؤول الصادق هو الذي يفكر في تطوير شأنه المحلي أولاً، خصوصاً إذا كان قادماً عن طريق الانتخاب، وتلك الأندية التي وضعت فيه ثقتها من خلال الصندوق، تنتظر منه الكثير لتحسين أوضاع اللعبة والارتقاء بها، ناهيك عن أن هذا واجبه من واقع مسؤوليته الوطنية تجاه بلاده.
لم يعد المنصب المحلي بالنسبة للبعض سوى جسر يعبر من خلاله إلى فضاءات رحبة، تسهل له أموره ويغير بها وضعه الاجتماعي، وبالتالي أصبحت مناصبه مجرد سطور في سيرته الذاتية التي تصيح دوماً «هل من مزيد»؛ لذا ينبغي تدعيمها بمناصب أكثر قارية ودولية، فلا هو خدم اللعبة التي ينتمي لها محلياً، كما أن وجوده في مناصب خارجية هو وجود صوري وهامشي، أو من أنواع «البرستيج» الذي لا يقدم ولا يؤخر، يأتي ومن ثم يذهب وليس له أي بصمة تذكر.
لدينا في الدولة نموذج يستحق أن يكون ملهماً للجميع، حيث نجح عبدالمنعم الهاشمي، رئيس اتحاد الجو جيتسو، في نشر اللعبة محلياً وتوسيع قاعدة الممارسة، بدأ معها منذ الصفر، ومن رياضة لم يسمع بها أحد، أخلص لعمله فجعلها حديث الناس، وقبل 5 سنوات عندما ترشح لرئاسة الاتحاد الآسيوي للعبة، أجمعت عليه القارة، وفي عهده ارتفع عدد الاتحادات من 9 إلى 42 اتحاداً أهلياً.
عندما انتهى عبدالمنعم الهاشمي رئيس اتحاد الجو جيتسو، وفهد علي المدير التنفيذي للاتحاد، من ترتيب بيت الجو جيتسو داخلياً نقلا تجربتهما الفريدة إلى القارة، ونجحا في نشر اللعبة انتشاراً رهيباً، وتسابقت الدول على استضافة البطولات والاهتمام باللعبة، وبجهودهما أصبحت أبوظبي عاصمة للجو جيتسو ومركزاً محورياً لها ليس في القارة وحسب ولكن على مستوى العالم.
هذا هو المطلوب، وتلك هي التجربة التي نتمنى استنساخها، أن يكون هَم المسؤول خدمة وطنه في المقام الأول، وهو الهدف الذي يسمو فوق أي أهداف أخرى، وأن يكون المنصب الذي يحصل عليه وسيلة وليس غاية، وعلى كل مسؤول ألا يفكر في الخارج إلا بعد أن ينجح داخلياً، فالأقربون أولى بالمعروف، ونجاحات الداخل هي المرتكز والقاعدة والأساس، فلا يجوز أن تترك بيتك مهملاً وتعمر بيوت الناس.