الذين يفكرون في الحياة يكسبونها، فينتصرون على الوهم والغم والسقم.. الذين يفكرون في الحياة يجيدون هزيمة الإحباط وكسر شوكة التشاؤم لأنهم يصنعون حقولهم الوردية بإرادة لا تنثني ولا تنحني لعواصف الزمن، ولأنهم يرسمون لوحاتهم التشكيلية بأنامل لا ترتعش ولا تنبش عن البؤس والتعاسة ولأنهم يقرؤون ملامح الكون بعيون لا تغشيها غاشية ولا تقمعها فاشية.. الذين يفكرون في الحياة يحفظون عنفوان الشباب حتى وإن تجاوزه العمر.. أحمد عبدالله دور صومالي تجاوز من السنين الـ 112 سنة يحب فتاة تصغره بـ95 سنة، بل ويستطيع أن يقنعها بأن تحبه ويتزوجها ليحقق حلماً طالما شغل باله، وأتعب أحواله.. اليوم صافية عبدالله تقع في الشرك الذهبي لتملأ عينيها، بتلاوات من تاريخ قديم قدم الدهر مطمئنة آمنة، وهي على يقين من أن الزوج أحمد لن تروغ عيناه هنا وهناك، فيكفيه أن يعيش تحت سقف واحد مع ابنة السابعة عشرة، الفتاة التي قال عنها إنها حلمه الذي تمناه وانتظره حتى كبرت ونضجت وحان قطافها.. صافية لو لم تثق بتفاؤل بعلها النشط لما قبلت بهذا الزواج، ولو لم تعلم أنه تزوجها عن حب وشغف لما قررت المجازفة .. وعبدالله الذي تزوج من قبل خمس زوجات أنجبن له 18 ولداً يقول إنه سيعيش مع زوجته الصغيرة حياة سعيدة، وهذا يكفي أن يثبت لنا أن الذين يفكرون في الحياة يقبضون ثمارها الناضجة، طاردين آلام الشيخوخة، وما تفعله باليائسين والبائسين والعابسين، فهذه الحياة شجرة نحن الذين نضع الثمرات على أغصانها، وكذلك نحن الذين نجردها من أغصانها، إن أردنا وإن توحشنا، وإن اكفهررنا وعبسنا وتصورنا أن تجاوز الإنسان مرحلة الشباب هو نهاية العالم، وخسوف القمر وكسوف الشمس.. أحمد عبدالله دور يضرب مثالاً حياً بأن الحياة لا يتوقف نبضها إلا بتوقف نبض القلب، الأمر الذي جعله لم يتوقف عن سرد الأمل، وقراءة الحكاية الوجودية بعيون تضيء بالأمنيات الوردية، وعقل مؤثث بأحلام أزهى من بريق الأقمار والنجوم.
أحمد عبدالله دور يريد أن يقول لشباب بلاده دعوا هذه المشاعر المتفانية من أجل الموت فالحياة أجمل، ولا تستبسلوا من أجل قضايا خاسرة، لا جدوى منها.. دعوا هذا التدفق العشوائي من أجل نهايات سوداوية، ففي الحياة الحياة معان جميلة، بعضها الانتماء إلى امرأة تزخرف العيون بابتسامة شفيفة، وتمنح القلب نبضاً يتجدد بتجدد العلاقة الإنسانية الرفيقة.
يقول لشباب بلاده الذين يدفعونكم للموت يجلسون في الأماكن القصوى للأمان، فلا تدعوا أنفسهم وقوداً للحقد، ولوِّنوا حياتكم بالحب، واصنعوا مجدكم من عرق البناء، لا من دم الدمار.
أحمد عبدالله رجل من ذلك الزمان، يشرق في هذا الزمان، ويؤسس جمهورية حبه، وسط أحراش غابة متوحشة.


marafea@emi.ae