عندما بدأت أولى خطواتنا، للانتقال من عالم الهواية، إلى دنيا الاحتراف في كرتنا، كانت ملامح جيل موهوب للغاية بادئة في التبلور، فيا لها من مفاجأة سعيدة، ساقها القدر إلينا، بظهور مجموعة متناغمة ومتجانسة من اللاعبين الموهوبين في فترة واحدة، كانت الصناعة منذ البداية عند جمعة ربيع، فانتقلت الرعاية إلى مهدي علي، وتوجت هذه المجموعة جهودها بالفوز بلقب كأس آسيا للشباب عام 2008.
ليست هناك بداية لتطبيق الاحتراف أفضل من هذه، فقد أصبحت الأمور مثالية من أجل الانتقال السلس والعبور السهل، ولكن ما الذي فعلناه، جنينا على كرتنا وعليهم، قتلنا كل طموح لديهم، كان التنافس جنونياً بين مختلف الأندية، أعمت أضواء المنافسة أعينهم، فكان الصرف بلا حساب، كانت المزايدات على أشدها، والعقود تتناثر هنا وهناك، لم تكن هناك حدود للصرف، لم تكن ردة الفعل منطقية، ولا الضوابط مجدية، وفي مقدمتها قانون السقف.
اكتفينا بهذه الخطوات، ولم نكمل إجراءات التحول كاملة، ظلت الأندية معتمدة على الدعم الحكومي، وليست هناك خطوات جادة للاستغناء عن هذا الدعم أو التقليل منه بالتدريج، فليست هناك رعايات تجارية، ولا عقود استثمارية، ولا دخل من بيع التذاكر أو تسويق اللاعبين، وإيرادات النقل التلفزيوني يتم إنفاقها لتغطية عقد لاعب مغمور ومرتباته لمدة 6 شهور.
كانت هناك ثغرات عديدة في العملية الاحترافية الجديدة، وكان من المفترض أن يتم تلافيها وتصحيح المسار مع مرور السنوات، ولكن لم يحدث هذا، لم تستوعب عقليات اللاعبين مفاهيم الاحتراف، ولم يستوعب الإداريون أن هذا الطريق الذي نسير فيه لن يؤدي بنا إلى النهاية السعيدة.
تشبع اللاعبون مادياً، تجاوزوا كل أهدافهم وأحلامهم، ولم يعد الاحتراف الخارجي يشكل طموحاً لديهم، فما يحصلون عليه يكفيهم وزيادة، وذلك الجيل الذي ظهر متزامناً مع تطبيق الاحتراف، وكنا نراهن عليه للذهاب بنا بعيداً، لم يعد كما كان في بدايته، كانوا ضحية نظام احتراف غير سليم، والمشكلة ليست في النظام، ولكن في غياب التقييم.
لا بأس بالاحتراف كوسيلة غايتها تطوير اللعبة، ولكنه التزام ومسؤوليات، ولا تأخذ إلا بقدر ما تعطي، الاحتراف عقد يحوي العديد من البنود، وكل طرف ملزم بتنفيذ حصته الخاصة من هذه البنود، المشكلة أنه في نسختنا الحصرية من هذا الاحتراف لم نلتزم سوى ببند الحقوق المالية، وتجاهلنا كل البنود المتبقية، كانت أهدافنا شخصية، واستراتيجيتنا محدودة، ونظرتنا ضيقة للغاية، هذا الاحتراف الذي طبقناه جعل الناس تحن إلى الماضي، وتقول سقى الله أيام الهواية.