المشروع الفاشل هو الذي يبنى على الخيال وليس على أرض الواقع، يتغاضى عن السلبيات، يتفادى المطبات، لا يتوقف كثيراً عند المعطيات، هذا هو شأن مشروع الاحتراف، هذه الكلمة السحرية التي كنا نظن أنها ستحلق بنا إلى دنيا مختلفة، وعوالم وردية، أنفقنا الأموال، اعتقدنا أنها ستنقلنا من حال إلى حال، نسينا النقطة الأهم، الاحتراف حقوق وواجبات، أسرفنا في توزيع الحقوق وأهملنا تطبيق الواجبات، ولم نكن بحاجة إلى أكثر من جرة قلم تحولنا بها من هواة إلى محترفين، وانتهى دورنا منذ تلك اللحظة وكأننا عثرنا على مصباح علاء الدين.
احترفنا، هذا كل شيء، كان من المفترض أن نتطور، نتقدم، لم يحدث ذلك، كنا نشاهد المشروع ونراقبه لحظة بلحظة، وعاماً تلو العام، الأمور لا تسير على ما يرام، وكلما أعربنا عن قلقنا قيل لنا صبراً، لا تحكموا على التجربة، فالمشروع بحاجة إلى عدة سنوات، ومرت السنوات، 12 عاماً لم تعد الأمور كما كانت في عصر الهواية، صارت أسوأ، أنفقنا المليارات والمليارات ولم تجد نفعاً، لم يرافقها التطور المنشود في اللعبة، انتظرنا وانتظرنا ولكن دونما جدوى، فلا تسلني عن الاحتراف، كان صرحاً من خيال فهوى.
أثبتت السنوات أن الاحتراف كلمة رنانة، وهو نظام حققت من خلاله الدول قفزات جبارة في مجال كرة القدم، فقد آمنوا به وطبقوه بحذافيره، أما نحن فلم نكن صريحين مع أنفسنا منذ البداية، بدأنا الاحتراف بأسس كاذبة، فقد تحولت أنديتنا إلى شركات تجارية، وقعنا العقود وطبقنا بند الرواتب وتجاهلنا بنود الواجبات، لم نشدد على الانضباط وتغافلنا عن الالتزام، فضاع النظام، هذا الاحتراف كنظام جميل وبراق ومغرٍ ولكن، احترافنا كان ناقصاً والمشروع الذي تفاءلنا به ولد مشوهاً.
لم يلتفت أحد يوماً خلال هذه السنوات لمراجعة مشروع الاحتراف، كان أصحاب الشأن منشغلين تارة في الانتخابات، وتارة في المشاركات الخارجية وكعكة المنتخبات، كانوا يعلمون أن ما نطبقه لدينا هو احتراف غير حقيقي، ولن يؤدي إلى التطور المنشود، فقد ركزنا على القشور وتركنا لب الموضوع، تجاوزنا عن التفاصيل، كانت الأندية تتنافس على كسب ود اللاعبين، تقدم لهم المغريات، وليتهم تنافسوا على تطبيق مبادئ الاحتراف الحقيقية.
اليوم.. نحن أمام مفترق طرق، فلم يعد مقبولاً أن نظل ندور في نفس الحلقة المفرغة، ولابد من جهة تتبنى إيجاد طريقة لتصحيح مسار المشروع وتقويم اعوجاجه، لابد من السيطرة على الهدر وإنهاء أعوام الاستنزاف، فإما أن توقفوا العبث أو ألغوا الاحتراف.