منذ زمن بعيد لم أقرأ مجلة ثقافية أو سياسية أو اجتماعية قادرة على تحريك القارئ في داخلي، وهذا ليس لأنني لا أحب ذلك النوع من المعرفة، أو أنني أميل إلى قراءة الصحف بحكم تواجدي في رحاب صاحبة الجلالة أو عشقي الأبدي للكتب، ولكن السنوات الماضية لم تنتج ما يستحق الذكر ولم توجد مجلة تحرك بي فضول الاهتمام أو تدفعني إلى سوق الكتب للبحث عن ما يدهشني إلى حد الفضول والرغبة للقراءة، وغالبا المجلات التي أتيحت في السوق كانت إما تميل إلى الجانب الاستهلاكي وتقدم صحافة «التيك أوي»، وإما تصدر من أجل جلب الإعلانات أو التسويق لمنهج معين واستغلالها في ترويج ثقافة النميمة وهتك أسرار أهل الفن أو ما شابه، أما النوع الثالث فقد كان جامدا ولا يقبل عليها سوى المتخصصون في المجالات المختلفة مثل الاقتصاد أو الاجتماع أو ما شابه.. والسبب الثاني الذي أراه منطقيا لحد كبير هو أنني واحد من جيل شهد البدايات الجميلة ليقظة الفكر العربي في المنطقة، وتربى على مجلات كانت تحرك الفكر والعقل وتغذي القومية العربية المرتبطة بالإنسان المبدع، وعلى سبيل المثال لا للحصر مجلة «الأزمنة العربية» و»العربي» وغيرهما من الدوريات التي تقدم وجبات ثقافية دسمة تختلف تماما عن مجلات «التيك أوي». ولعبت الأندية الثقافية الاجتماعية والرياضية قبل أكثر من 30 سنة مضت في الإمارات دورا كبيرا في الحراك الثقافي السياسي وأطلقت العديد من المجلات المثيرة للاهتمام في وقت كان فيها الإنسان الإماراتي يؤسس إلى كل ما هو حضاري قائم عل الإبداع، اليوم التاريخ يعيد نفسه من جديد، ففي زمن الإنترنت والتواصل الاجتماعي عبر وسائل التكنولوجيا بات من الصعب أن تستقطب قراءها ما لم يكن المحتوى مدهشا ومغريا للقراءة وهذا بالضبط ما لمسته وأنا أتصفح أبواب ومقالات وتغطيات مجلة «تراث» التي تصدر عن نادي تراث الإمارات، والتي حولها الزميل الشاعر حبيب الصايغ المشرف العام إلى ساحة مفتوحة أمام كل من يرغب في الوصول للمعرفة الحقيقية. ففي مجلة «ثراث» التي تصدر شهريا من نادي تراث الإمارات سوف تجد قضية للنقاش وحوارا مفتوحا وملفات.. باختصار سوف ترى التراث العربي بكل ما فيه من كنوز في المجلة التي باتت تأصيلا للذاكرة العربية عموما والخليجية على وجه الخصوص، لذا على كل من يبحث عن متعة المعرفة في زمن الانترنت والفيسبوك يمكنه أن يحرص على متابعة «مجلة التراث» شريطة أن يشكر قائد فريق العمل الزميل حبيب الضايغ. إبراهيم العسم