أخذت تصرخ “قتلتها قتلتها… كنت مسرعة ولم أرها…بالخطأ.. أمي أنظري إليها..عالقة بحذائي…انظري أمي إلى هذه النملة الصغيرة” ?ردت الأم عليها، وأخذت طفلتها ذات الأعوام السبعة بين يديها تهدئها “لا بأس لم تقصدي ذلك…لا? بأس”، “ولكني قتلتها…ولم تأذني” أجابتها الأم “اسمعي تظل نملة نعم هي كائن حي، ولكن الإنسان يظل أهم هذه الكائنات، وثم أنكِ لم تتعمدي ذلك?،”? ردت ببراءة الطفولة “أليس لديها أسرة وأبناء ..عائلتها ألن يحزنوا لفقدانها”…احتضنتها والدتها وأخذت تحكي لها قصة سليمان مع النملة. حزنت الطفلة لموت النملة لهذا الكائن الضعيف، حزنت عليها ولأنها تشعر بالذنب تجاهها حزنت بمشاعر الإنسانية السليمة، نعم ما زلنا نشعر بأن هناك غيرنا في هذا الكون، لغة الغاب سادت، وأصبح الدم البشري مستباحاً، ظننا أننا سنموت يوماً، ونقدر معنى أن تُزهق روح، ويُستباح جسد، يبحث الإنسان بمشاعره وسط هذا التناقض الذي نحياه، نسابق الزمن في التكنولوجيا، ونتربع على عرش الغاب في صراعاتنا، تُحاسب الأجيال على تاريخ لم يختاروه، وننسى أن نزرع بذور المستقبل. ماتت النملة ولم تمت الإنسانية، ما زالت هناك قلوب تنبض بحس عالٍ، قلوب صغيرة تعرف قيمة هذه النملة، وذلك الطائر الذي يغرد في السماء. *** أخذ قطعة خبز من وجبة فطوره وفتتها، ونثرها أمام النافذة، ونظر إلى والدته قائلاً: “ستزيد حسناتي …وستعد هذه الطيور، صحيح يا أمي، هكذا قال لي أبي” نظرت إليه قائلاً: “نعم يا بني الخير كله يرفع من حسناتنا سواء أكان قولاً أو عملاً” ، قال لها ببراءة الأطفال: “أنا أحب الخير”..غمرته مبتسمة. نعم حسناته ستزيد، وسترفرف هذه الطيور سعيدة بفتات الخبز ويدعون له مغردين في سماء مشرق. فتات الخبز لا يذهب عبثاً، فالغرس يكون جميلاً في الأطفال، خصوصاً عندما نراه يزدهر أمامنا، هم الأطفال بكل ما فيهم من تلقائية، ومن براءة بأسئلتهم الصغيرة التي تأخذنا إلى أعماق الحياة والفطرة، إلى السلام والتصالح مع النفس، أسئلتهم فيها من شقاوة، ومن ألوان الدنيا، ما يكفي لشعور بحزن تلك الطفلة على النملة، ولمعرفة الإشراقة في فتات خبز الطيور. الطفولة تحمل لنا السلام والبراءة والأمل، فالمستقبل في أعينهم، وبهم نستعيد لحظات السعادة والسلام، وبهم نتعرف إلى الأشياء من حولنا من جديد. ameena.awadh@admedia.ae