غالباً ما أطرح عبر هذه الزاوية، أنه بالقدر الذي يفرح فيه المواطنون بقدوم موسم الأمطار ويستبشرون، بذات القدر يكون القلق مسيطراً على العديد من الجهات وفي مقدمتها البلديات و«الأشغال» والمقاولون ممن يخشون أن تكشف الأمطار سوء ما عملوا وخيبة ما قدموا.
ومع كل موسم يتجدد ويتكرر الأمر، ومن بين ثناياه نتابع دروساً مجانية في التخبط وسوء التصرف والاستعداد، ويوم الخميس الماضي نقلت صحيفتنا «الاتحاد» معاناة 20 أسرة إماراتية تضررت بيوتها إثر الأمطار الغزيرة التي هطلت في منطقة الرحيب بالفجيرة، لوجود منازلهم في مجرى الوادي ضمن 250 بيتاً أقيمت للمواطنين في تلك المنطقة قبل نحو 7 سنوات، إلا أن هؤلاء جاءت مواقع بيوتهم في مجرى الوادي.
تابعنا في ذلك التحقيق تقاذف المسؤولية بين «بلدية دبا» و«أشغال الفجيرة» حول اختيار المكان لإقامة بيوت للمواطنين فيها، بينما أعلنت وزارة تطوير البنية التحتية أمس الأول، استعدادها للتعاون مع الجهات المختصة في الإمارة لإيجاد حل لهذه المعاناة التي تؤثر على استقرار أصحابها، وأيضاً من دون الإجابة عن السؤال الأساسي حول المسؤول عن اختيار الموقع، والذي لم يضع في حساباته أن المنطقة تشهد في مثل هذه الأوقات هطول أمطار غزيرة تجري على إثرها السيول في الشعاب والوديان، وعلى افتراض أن مهندس المشروع غير مواطن ولا يعلم عن المنطقة وأحوالها، أين كان المسؤولون الذين اعتمدوا المخطط والمشاريع؟
للأسف هذه النوعية من المسؤولين تعاني انحداراً في ثقافة تحمل المسؤولية والاعتراف بوجود خطأ وتقصير، والإقرار بضرورة إصلاحه وتغييره، بدلاً من ترك المواطنين المتضررين -كما في حالة أصحاب بيوت مجرى الوادي بالرحيب- في مراجعات دون طائل ما بين البلدية و«الأشغال».
فقط تسمع في مثل هذه المواقف تبريرات وتسويفات لا طائل منها، ولا تقدم حلاً أو تفسيراً مقنعاً لما يقع، مثل ذلك المسؤول عن الطرق في مدينة العين الذي برر تجمع مياه الأمطار بانسداد فتحات شبكة تصريفها «جراء الأوراق المتساقطة من الأشجار»، في وقت يفترض أن تكون فيه أجهزته مستنفرة للتعامل مع حالة الطقس والتقلبات التي تشهدها، خاصة وأنها معروفة في مثل هذه الأوقات من كل عام. نتمنى أن نلمس حلولاً تقضي على أية منغصات أو تداعيات، بدلاً من تبريرات تزيد من معاناة المتضررين في المناطق المتأثرة.