" الحياة هي هذه اللحظة التي نسرقها من زمن لسنا ساداته دائماً"- واسيني الأعرج هل حقاً أن اللحظات الجميلة ما هي إلا سرقة يسرقها إنسان الوقت الحالي من هذه الحياة ؟ هل بات الإنسان هذه الأيام يتوسل السعادة ولحظات الفرح؟ كم من المرات يمكن أن تسرق من الزمن تلك اللحظة؟ في زمن نبحث عنه في كل أماكن الاستحواذ نجده مكتظاً بنتائج لا نأمل منها إلا بالوعود وأتربة النسيان، وحين يحتدم الجدل تطفو الفراغات، ونخرج بيدين حاملتين الصفر نفسه الذي بدأنا به الحوار، المحاور نفسها التي نطرحها، ولا نجد لها الحلول في الداخل أيضاً، نرفض التعب، نرفض أن تنصرف أخلاقنا، وتتعرج أذواقنا، لذا وقوفنا على المبادئ ثوابت غُرست فينا، وفي عاداتنا وتقاليدنا، الحياة تلك الصورة الجمالية التي خلقها الله لنا، وتأملناها بكل دقة في ذواتنا صندوقاً للأسرار، نضع في أعماقه صعوبة ما نريد طرحه، وعدم تقبل الآخر له، وحجبه بعد قراءة النقاش، حياتنا تراكم وصور نلتقطها في لحظة، حين تسهر أذهاننا تراقب القمر في سهر العاشقين في ليل الوهج الواسع، إن ما نحمله اليوم هو النقل الذي تركته اللامبالاة لدى الآخرين، وعدم أخذهم جدية المواضيع وكبرها، هم هؤلاء الجالسون من دون معاناة على المقاهي، هم هؤلاء الذين لهم وقت خاص للهروب من أوقاتهم الفراغ، فهم المعارضون المدركون الحقيقة، والعارفون بأنهم في مغالطة مع أنفسهم، هم العازفون عن قول الحق، مع أنهم أكثر الناس تصديقا له، لكنهم في عزوف تام. كثيرة هي الحوارات الداخلية التي يتحدث فيها الإنسان مع نفسه، ويقف في كثير من الأحيان على أمور مدهشة منها، ما تكون إيجابية، وكثير منها غير عادلة، وغير منصفة، يخون فيها المرء الطرف الآخر كما يخون الشاعر أو المؤلف النص في نهاية القصة أو القصيدة. ثمة حوارات لا تؤدي إلي نتيجة، يتداخل فيها الجدل والصراع الداخلي ما بين معارض ومؤيد لهذا الجدل، إلا أنها تتوحد في نهاية المطاف مع صاحبها، وتشكل قوة دفع كبيرة، لتخلق الأعذار والمسببات.. من منا في يوم لم يخاطب الرمزية في ذاته، وذلك الغموض في شخصيته، وكبر الأنا في نفسه، حتى صار أسير نفسه وأفكاره ومعتقداته، أن المتراكم من هذا الإحساس أثقل إنسان الوقت الحالي، وجعله في حيرة من أمره ورغباته، حتى بات يتوسل لحظات الفرح. إبراهيم العسم