تحكمنا سياسة العدل وتعدل شؤون حياتنا سياسة الحكم، وما بين النهرين تمضي سفن الأحلام مزهوة بأشرعة ملونة بالعدالة والمساواة.. عندما يقف القائد أمام المشرعين ورجال القانون ليحضهم ويحثهم ويدفع إرادتهم نحو مسارات تتقن الحدود القانونية وتجيد قراءة نواميس الحياة لأجل أن تستقيم الأشجار وتصفو الأنهار ويعيش الإنسان بين كفتي الميزان في طمأنينة وأمان ويخضر العشب وينشرح الدرب لكل من يريد أن ينتمي إلى الحياة بقلب نظيف وعقل شفيف وشعور عفيف. هكذا أراد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن يبعث برسالة صافية صفاء النهار المشمس إلى رجال القضاء، ولأننا في دولة القانون فإن العدل هو الأساس والمتراس، ولم يكن ليتهيأ لدولة الإمارات أن تتبوأ هذه المكانة اللائقة لولا تمتع قضائها بميزان العدالة وعدالة الميزان، ولم يكن للإمارات أن تحظى باحترام العالم والمنظمات الدولية لولا انحيازها دوماً نحو موانئ اليقين في العدل والصوت الأمين في الحكم، لم ترفع الإمارات شعاراً بل طوقت الأعناق بقلائد الشرف الرفيع وأساور الكرامة، ولم تصل الإمارات إلى هذا السمو في الرفعة والتطور لولا وجود هذه القناعة الراسخة لدى القيادة بوضع الإنسان في مكان إنسانيته ولا مكان غير ذلك، هذا البلد الذي تأسس على العدل والمساواة جعله يحب الآخر وكلله بانتماء المواطن والمقيم إلى مكان واحد ألا وهو دولة الإمارات. بهذا نجد الإمارات محط أنظار العالم وبؤرة عيون الساعين إلى حياة رغيدة سعيدة يأمن فيها الإنسان على عرضه وماله ومستقبل أبنائه، على هذه الأرض المعطاء تأتي الطيور تواقة إلى الاستقرار، مشتاقة إلى أرض الرجال الأحرار، تأتي الطيور محملة بأخبار الأحلام الزاهية وأسرار الأيام الباهية لا تغشيها غاشية ولا تشوبها فاشية، في الإمارات هويات العالم تلتقي عند الصحراء لترسم حدود العالم اللانهائي، وفي جوهر الخريطة الكونية ينبع نهر الإمارات ليصب في محطيات العالم عذوبة القيم وخصوبة الشيم ومعاني الكرم وأماني الأمم. هذه هي الإمارات التي أنتجها عقل القيادة الإماراتية حتى صارت الإمارات النهج والمنهج تحذوه الأمم وتصبو نحوه وتقتدي به، صارت الإمارات المثال والموال وأشواق الحلم الطوال، صارت الإمارات العنق والشفق والنهار وما وسق، والفكر القويم وما اعتنق والقلب الكبير وما اتسق، صارت الإمارات الفضيلة والخيل الأصيلة، صارت الإمارات الكتاب المفتوح والبيت المنقوح والسطر المشروح، صارت الإمارات الكلمة والنعمة المنعمة وبوح الطير على ظهر موجة مفعمة، صارت الإمارات الحلم والعلم وخير الكلم تدنو منها العيون فتسعد القلوب وتحاذيها الأرواح فتتفتح أزهار الدروب.. هذه الإمارات مختار الصحاح وقاموس المحيط لكل من أغلقت أمامه مفردات الحياة وتعقدت الجملة الفعلية في مسيرته العملية.