لا ينكر أي عاقل الدور الكبير الذي لعبه الإنترنت في حياتنا، فثورة المعلومات التي بدأت في التفجر نهاية التسعينيات لم تعصف فقط بانتقال البيانات والأخبار والصور، ولم تجعل العالم قرية صغيرة فحسب، ولم تكتف بفتح الأبواب أمام الثقافات لتختلط ببعضها بل الأكثر من ذلك، لقد تسربت مندفعة إلى القيم والآداب وأصول التعامل مع الناس. ومع أن هيئة تنظيم الاتصالات في الدولة تبذل جهوداً قوية لتنشيط الحجب الإلكتروني، ويقوم كثيرون من أصحاب الضمائر الحية بالتعاون مع شركات الاتصالات لحجب ما تنشره المواقع التي تدعو إلى ما يخدش الأخلاق. في الفضاء الإلكتروني ما هو أكثر من مجرد الرموز الخادشة للحياء، فيه مواقع تبدو جادة رصينة لكنها مصائد للقبض على العقول الصغيرة البسيطة، تزرع فيها أفكارا ذات توجهات يرفضها الدين والمجتمع. صار مجتمع المعلومات مجلساً خاصاً بهم يستضيفون فيه كل من يدخل مواقعهم ويحاولون تبرير أفكارهم له، بل ويجادلونه فيما يعتنقونه من أراء وغالباً ما ينتهي هذا الجدال بزعزعة بعض قناعات الشخص الذي ولج للموقع أو ربما يحرق أعصابه! تكمن الخطورة في انتشار المعلومات أنه كان يحتاج في مطلع الثمانينيات لحاسوب بحجم الغرفة، وصار اليوم لا يحتاج لأكثر من هاتف بحجم الكف أو أصغر. هذا الصغر في حجم الآلة اللازمة لقراءة الإنترنت جعل المعلومات تصل لأيدي الصغار ممن لم يبلغوا العشر سنوات بعد، كثير من الآباء يعطون الهواتف الذكية لأطفالهم لكن قليلاً منهم فقط من يتابع ما يتصفحه صغيره، أو يركز على من يتصل بهم هذا الصغير. لا يمكن أن ننكر التغير الأخلاقي في صغار هذا الجيل، الجرأة التي تملأ عيونهم، والمفردات التي تصدم حين ينطقونها، حركاتهم وتصرفاتهم التي أصبحت تحتاج للسيطرة بل إن كثيراً منهم أحوج إلى “ إعادة التربية” ، وكل من يملك هذه الصفات منهم هو طفل مدلل طلباته أوامر ويملك من الأدوات التقنية ما يقضي معه النهار من دون رقابة. الصغار الذين صار الإنترنت محور حياتهم يقضون الساعات على تويتر وفيسبوك، يصورون أنفسهم بمختلف الأوضاع للبلاك بيري والواتس أب، ويكونون صيداً سهلاً لمن لا يخافون الله. ويمكن أن يتعرضوا أيضاً للنصب من نصابي الهواتف أو أن ينجرفوا وراء الرسائل المشبوهة التي تدعوهم للصداقة مع الجنس الآخر. الدعوة للرقابة على استعمال الصغار للإنترنت متجددة دوماً، إلا أن هناك الكثير الذين يتساهلون في الالتزام بها، معتقدين أن الطفل نضج بما يكفي، أو أنه أصغر من أن يدخل لمواقع مشبوهة أو أنهم أحسنوا تربيته جيداً، والحقيقة أن الطفل يحتاج دوماً للمتابعة ومراقبة هاتفه وكمبيوتره لمنع حصول تأثيرات سيئة على أفكاره أو تعرضه لما لا يحمد عقباه. فتحية البلوشي