التضامن.. من سجاياه، أن جعل من الإمارات نهلاً، وسهلاً وحقلاً وجذلاً، وبذلاً، تقطف من ربوعها أيدي الحاجة والعوز، ثمار الحياة، وبهجة التطلع إلى وجود لا تسوده ضغينة ولا ينكبه شجن.
المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» وضع الإمارات بين يدي المغبونين جذر نهوض، غصن تألق، وهيأ لكل إنسان على الأرض الواسعة، مبادئ العيش الكريم، إيماناً منه أن الخير للجميع، وأن من لا يعين محتاجاً لا يستحق الحياة.
في حرب 1973، والتي دارت رحاها بين مصر وإسرائيل، قال كلمته المشهورة، «البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي». وسارت ركاب درء الخطر عن الحق العربي مشمولة بنخوة الصحراء، وشيمة الرجال الأوفياء باتجاه الحقيقة، ودافعت الإمارات عن عروبتها بكل صرامة، وحزم وجزم.
وفي لبنان شاركت الإمارات مع قوات الأمم المتحدة في الفصل بين الحدود اللبنانية وقوات الاحتلال الإسرائيلي لتثبيت وقف إطلاق النار، وحماية لبنان من بطش القوة الغاشمة.
وكذلك في البوسنة والهرسك، وفي كثير من بلاد العالم التي عانت من الحروب، كانت الإمارات هناك حاضرة بوعي قيادتها، وحنكة زايد الذي لم ير في العالم سوى أرض واحدة، ومصير واحد. عندما تكون الروح شجرة فإن الآخرين يصبحون طيوراً، تحط على أغصان هذه الشجرة طلباً للأمان والاستقرار والطمأنينة.
واليوم ونحن نتأمل تضاريس بلادنا نجدها مآلاً لأجنحة الطيور التي جاءت من مائتي بلد في هذا العالم الوسيع، وأصبحت الإمارات الحضن، والحصن، والمزن، تحتضن، وتحمي، وتروي، وتمنع الأذى عن كل من يلوذ إليها كموئل، مؤثث بأسباب الراحة، والحرية، والبوح السليم.
هكذا صنع زايد من الإمارات مكاناً تلجأ إليه النفوس الباحثة عن أثير لا يلوثه ضجيج، وعن سرير لا يغبشه عجيج، هكذا هي الإمارات في الذاكرة الإنسانية، تاريخ يتنامى في تلافيف الفكر، مثل جداول الأنهار وهي تذهب إلى السهول، والمروج، تلونها بالأخضر اليانع، وتصوغ سنابلها، جدائل، وفصائل متعانقة، تذهب إلى الفضاء، متألقة كنجوم السماء، متدفقة ككواكب الرخاء.
هكذا هي الإمارات اليوم، في وجدان العالم، أيقونة بقاء، وأسطورة عطاء، وفكرة مستنيرة، تضيء مخيال الناس جميعاً، في زمن عزت فيه مشاعر الحب، وأصبحت أمنيات لا تحققها إلا الدول العظيمة، والأفكار التي نبعت من تلابيب عقول نبيلة. هكذا هي الإمارات الوهج، واللهج، والمهج، والنهج الذي سارت على منواله الدول، تقتفي أثر مآثر زايد الخير.