قلتها وفعلوها.. تمنيتها وحققوها.. وقفوا في وجه التاريخ أو أبهروه أو أقنعوه، بضرورة أن يتغير وأن يواكب الزمن، ويواكب العرق ويواكب الأمنيات التي يصنعها الرجال.
فزنا على أستراليا.. أقصينا حامل اللقب من دور الثمانية، وصعدنا إلى نصف نهائي أمم آسيا.. لا يزال في قوس الأمنيات متسع.. لا يزال بإمكاننا أن نكتب التاريخ.. كنا في النقطة ذاتها قبلاً وكنا بعدها أيضاً.. لعبنا النهائي هنا على أرضنا ولعبنا نصف النهائي خارج حدودنا.. ونستطيع أن نمضي لما هو أبعد.. أن نصعد إلى أعلى.. وبعدما رأيناه من لاعبينا أمس الأول، أؤكد أننا نستطيع.
اغفروا لنا خوفنا.. برروا قلقنا.. سامحونا في الغياب وفي الحضور.. كل ما يبدر من أحبابك يا «الأبيض» سببه الحب.. أنتم ترون ماذا يفعل جمهوركم.. رأيتم كيف احتفل أمس الأول وكيف أيقظ الدنيا من سباتها وكيف رافق الأحلام حتى الصباح.
كلكم رجال لا أستثني أحداً، وأمام أستراليا سطرتم ملحمة إماراتية غيرتم بها وجه التاريخ، وأكدتم أن ما مضى بات من الماضي، وأننا من اليوم نشارك أيضاً في الكتابة وفي القراءة، وإذا كان ذلك أول فوز رسمي على أستراليا بعد ثلاث مواجهات رسمية ومباراتين وديتين، فلن يكون الأخير، و«الأبيض» الذي رأيناه أمس الأول، قادر على المزيد والمزيد.
لم تخسر أستراليا لأن مدافعها ميلوس ديجينيك أخطأ في تمرير الكرة واقتنصها مبخوت، وأحيا بها الأمل والقلب.. خسرت لأننا كنا الأقوى، حتى لو هددتنا.. حتى لو أرهقتنا.. خسرت لأننا أيضاً حاصرناها، ولأننا لعبنا من القلب ومن الروح.. لأننا كنا نريد، وخلف «الأبيض» كانت المدرجات شعلة من حماس، ومن حب ومن عزم لا يلين.
معدن منتخبنا تجسد أمس الأول، في مدافعه الصلب والذهبي فارس جمعة الذي تعرض لإصابة بدت خطيرة وموجعة، غاب إثرها عن الوعي تقريباً، لكنه استيقظ على عجل، ومضى صوب الملعب مختل التوازن.. يريد أن يلعب ورغم اعتراض الجهاز الطبي، أكمل فارس المباراة، وأعلن الطبيب أن فارس قال له: لن يستطيع أحد منعي من اللعب.. يجب أن أقاتل من أجل بلادي.
يا له من درس عميق.. قاتل من أجل بلادك.. بدد سحب الخوف واليأس والرهبة.. كن ألف شخص.. كن كل الوطن.. ستكون كما تريد حينما تريد.. ستهزم الخصوم والإصابة والتاريخ.. ستمضي إلى حيث يستحق الشجعان.
هنيئاً لـ «الأبيض» هذه الروح.. هنيئاً لنا هذا الفوز.. فقط اذهبوا إلى المدرجات خلف فريقكم.. ساندوه بلا شروط ولا إملاءات، ودعوا «الأبيض» يفعل ما يشاء.

** كلمة أخيرة:
لم يترك المجد «الشجعان» يوماً.. حتى لو خسروا سيمضي التاريخ في ركابهم ليحكي الأسطورة