يمثل اعتماد المجلس الوزاري للخدمات، خلال اجتماعه مؤخراً برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس المجلس، آليات خطة التوطين في القطاع الحكومي الاتحادي، برنامجاً محدد المعالم والفترة الزمنية لإنجاز أمر يعد قضية وطنية، ويحظى بأولوية قصوى لدى القيادة الرشيدة.
وقد تضمنت الخطة التي أعدتها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، توزيع مهام ومسؤوليات أنيطت بالهيئة، وبالتعاون مع الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية والجامعات ومكتب رئاسة مجلس الوزراء وهيئة “تنمية” وبرامج ومجالس التوطين المحلية. وحددت النسب والجهات المستهدفة بعد أن أظهرت دراسة للهيئة الاتحادية للموارد البشرية حقائق مؤلمة بعد مرور 40 عاماً على قيام الدولة، تمثلت في “أن نسبة التوطين في القطاع الحكومي الاتحادي، باستثناء وزارة الداخلية، وأعضاء السلك الدبلوماسي والقضائي، بلغت في العام الماضي 53 بالمائة، بينما كانت في عام 2010 بنسبة 47 بالمائة، وقد بلغت النسبة في الهيئات الاتحادية في الفترة نفسها المقارنة 36 بالمائة، بينما كانت في عام 2010 ما نسبته 34 بالمائة”.
وفي اليوم ذاته الذي كنت أتابع فيه تلك الأرقام، برز أمامي إعلان باللغة الإنجليزية في صحيفة محلية لجهة من الجهات التي تصنف بأنها “شبه حكومية”، تعلن عن وظائف شاغرة لديها، وبعد أن انتهيت من قراءة توصيف الأعمال والاشتراطات المطلوبة، لاحظت أن الإعلان ذيل بعبارة ترجمت ما معناه أن “مواطني الإمارات مرحب بهم”، بدلاً من تلك العبارة التقليدية التي كانت تذيل بها إعلانات من هذه النوع، وتقول “تعطى الأولوية لمواطني الدولة ثم مواطني دول مجلس التعاون والدول العربية”.
والواقع أن هذه العبارة قد اندثرت بحكم الوضع القائم، بعد أن تم تفكيك جهات رسمية وأعيدت هيكلتها وتحررت مما كانت تعتبره قيود “الخدمة المدنية” و”بيروقراطيتها”، وأطلقت لنفسها العنان في تعيين خريجين أو كفاءات محلية، بحيث يلمس عدم جدية تلك الجهات في مشروعها للتوطين الذي تحول لمجرد شعار للمناسبات والأيام الوطنية، وإلا كيف تستوعب أن يكون في الصفين الأول والثاني من قياداتها غير مواطنين؟، بل إن المسؤولين عن إجراء مقابلات التوظيف ومسميات أخرى ما أنزل بها من سلطان، هم من غير المواطنين !!. ولو كانوا من كفاءات وتخصصات نادرة، لتقبلهم المرء، ولكنه يفاجأ بأن الكثير منهم إمكانياته متواضعة ويستعين بالعاملين في ذلك المكان لدرجة الاعتماد الكامل، بما يثير تساؤلات جمة حول الغاية من هذا الهدر. وأمامي حالة لشركة حكومية في مجال متخصص، كانت تحقق أرباحاً قبل هبوب رياح الهيكلة التي أصبح معها المستشارون وأصحاب المسميات البراقة أكثر من العاملين المنتجين، لتجد نفسها في دوامة من عدم تغطية “تكاليف التشغيل” بحسب التعابير “الهيكلية”، والأمثلة عديدة وصادمة ومريرة، ولا نريد استعراضها من جديد، فشواهدها ظاهرة للعيان وفي مواقع مفصلية من مواقع عمل دوائر حيوية في مختلف القطاعات، المحلية منها والاتحادية.
لذلك ننظر لخطوة “الوزاري للخدمات” باعتبارها خريطة طريق، ليكون التوطين واقعاً يرضي المواطن والوطن.
ali.alamodi@admedia.ae