ميرة أسيرة الخوف وجفاف العاطفة، ميرة الثمرة التي وقعت من غصن أشم على بطحاء اللظى، ميرة بعد أن اختطفها عراء الأبوة، وجاشت في صحراء الفراغات المفزعة، تجد الآن ذاتها، مخضوبة بحنان، مخصبة بأمان واطمئنان، مرتبة على أثاث النفوس الوفية والقلوب الندية، والشيم العالية، والقيم الرفيعة.
زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، للطفلة ميرة هي زيارة للبراءة والعفوية، زيارة للعيون الصافية، والقلوب الخضراء، والأرواح التي تلهج بالحب والعرفان، زيارة تضع كل إنسان يعيش على هذه الأرض، أمام مسؤوليات هذه العواطف الجياشة والمشاعر الإنسانية الحيّة، النابضة بمبادئ التقدير والإجلال للطفولة، وما تحمله هذه المرحلة من عمر الإنسان، من معاني الجمال والطهر والنقاء، وما تدنيسها بمخالب الوحوش البشرية المعفّرة بتراب خرائب الأزمنة، إلا غربلة وزلزلة في مسار الطبيعة الإنسانية، وتخريب متعمد لبنيان العلاقة التي تربط الأبناء بالآباء والأمهات، وتسريب لامتحان الشرف الرفيع، والأخلاق السامية، وتهريب لقيمة وشيمة انطبع بها الإنسان دون سواه من الكائنات.
زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هي وميض من نجمة العادات والتقاليد، التي نشأ عليها هذا المجتمع وهي شعاع من أشعة الشمس الصحراوية الساطعة، وهي رؤية من رؤى هذا الوطن الجميل، الذي علم الناس ما لم يعلموا من دماثة الخلق وحسن السلوك، وهي سمة الأعناق الطويلة، وصفة الأحداق المتطلعة دوماً إلى المعنى والمغزى والمضمون، وما تبثه سطور الحياة من حسن العبارة، ورصانة الصياغة، ومتانة الجملة الفعلية في العلاقة ما بين القيادة والشعب.
الزيارة هي سباق للقدرة الإنسانية السامية، على القبض على منابت الخير، والإمساك بزمام جياد الحب، والسير بالإنسان نحو غايات الأهداف العظيمة، والذهاب بعيداً لتحقيق ما يسعد الإنسان ويلبي مطالبه كإنسان يجب أن يعيش بكرامة محفوظة، وتحقيق أمانيه دون مِنّةٍ أو ملل.. الزيارة هي إشارة وهي عبارة الضمير الإنساني، المجبول على تصفيد الأخلاق، بما يخدم نداءات الروح، وما يطوِّق أشواق القلب بقلائد الحب، وخير عبارة هي الاعتناء بالطفولة، كونها البذرة التي تنشأ منها شجرة المجتمع، لتتفرع أغصاناً يانعة يافعة، وخير إشارة أن تكون القيادة المثال والنموذج المحتذى، في طرق أبواب كل ما ينفع الناس، ويدفع عنهم سوء الحال وسوءات المآل.
الزيارة ضوء كاشف يسلط على صور ومشاهد تستحق أن تكون دروساً، لمن يريد أن يستفيد، ومن يود أن يعتبر.
الزيارة لابد أنها ستطبع في ذاكرة الطفلة ميرة، صورة ملونة بأزاهير السعادة والفخر والاعتزاز، وعندما تكبر ستقول للناس: إذا كان أبي جف معين الحب لديه، فأنهار الحب من القلوب الرحيمة لا تنضب أبداً.

marafea@emi.ae