ثمة قضية معقدة تشغل الساحة المحلية، وربما الخليجية هذه الأيام، فلا يخلو مجلس من المجالس إلا ويناقشها، ويحللها، ويضع السيناريوهات المحتملة لها، بل وربما يقدم مقترحات لحلها. الجميع يتحدث في هذه القضية، والجميع أصبح خبيراً في هذه المسألة، الرجال يناقشونها بشكل يومي في ملتقياتهم وجلساتهم واجتماعاتهم حتى لو كانت اجتماعات رسمية، وأصبحت القضية الشغل الشاغل للنساء بطبيعة الحال، بل وحتى الأطفال لأنها قضية تلامس احتياجاتهم اليومية. إنها قضية يمكن أن يتم تصنيفها على أنها قضية تشغل الرأي العام فعلاً، قضية مثيرة للجدل، إنها قضية الخدم يا سادة، قضية عجز كل الخبراء والمختصين عن إيجاد الحلول المناسبة لها، فلا الحياة من دونهم تستقيم، ولا بوجودهم تصبح سهلة ميسورة لأن ذلك مستحيل. ولست خبيرة ولا محللة سياسية في شؤون الخدم، غير أنني مستهلكة أو متضررة من هذه القضية، وكنوع من التفلسف، فلابد من المشاركة، فقد زادت الضغوط مؤخراً من البلدان المصدرة للخدم، كل يطالب بمزيد من الميزات، رفع سقف الرواتب، إجازات، ترفيه، ساعات عمل محددة، ميزات في غالبيتها تصب في مصلحة الخدم، ولست ضد ذلك، فتلك حقوق يجب مراعاتها، غير أنه لابد أيضاً من وضع معايير جودة في مقابل تلك المميزات، ينبغي مثلاً أن تكون مرتبطة بالخبرة وبالسلوكيات، خصوصاً أن كثيراً من الخادمات غير مهيئات، وينتمين لبيئات وجنسيات وديانات مختلفة لا تتماشى مع مبادئ وقيم وهوية الأسرة العربية بشكل عام، وربما ينبغي حصول هذه الفئة على الموافقات الأمنية، والنفسية، والصحية قبل دخول البلاد. قد اعترف أن الاعتماد الكلي على الخدم ظاهرة معقدة تقع مسؤوليتها على الجميع، وربما كانت المسألة في يوم من الأيام عند كثير من ربات البيوت تعتبر جزءاً من «البرستيج»، غير أنها أصبحت اليوم مسألة وجودية، فمع متغيرات الحياة العصرية أصبح تزايد الاعتماد على الخدم مطلباً أساسياً وضرورياً. أصبحت المسألة صناعة تعتمد عليها اقتصاديات بعض الدول، وحسب بعض الدراسات ففي الإمارات وحدها ينفق السكان أكثر من ثلاثة مليارات درهم سنوياً، وتشكل العمالة المنزلية 5 في المائة من سكان الدولة، وذلك حسب إحصائيات قديمة، فبالتأكيد العدد زاد الآن، خصوصا أن بعض الأسر لديها عمالة أكثر من عدد أفرادها. بعض العمالة قد تحتاج إلى الدعم العاطفي، والنفسي، والمادي، والحق في الترفيه والترويح تفادياً لتراكم الضغوط النفسية التي قد تنعكس عليهم، وتولد لديهم الرغبة في الانتقام، ما يتسبب في وقوع الكثير من المشكلات التي تصل إلى حد الجرائم..! bewaice@gmail.com