تواصل أسواق الأسهم المحلية نزيفها، ويبدو أن جراحها ما زالت مفتوحة، فهي مستمرة في خسائرها، وكلما كسرت المؤشرات ما يسمى بـ «نقاط الدعم»، اتجهت إلى نقاط أدنى منها، فهل هي بحاجة إلى «خياط» ماهر، يستخدم خيطه وإبرته لإغلاق الجرح ووقف النزيف؟. أن تهوي المؤشرات بهذه الصورة التي رأيناها في الأيام الماضية، التي كان أكثرها وطأة ما حدث في جلسة يوم أمس الاثنين، لهو أمر يحتاج إلى وقفة جادة، فما الذي حدث؟ وكيف آلت أسواقنا إلى ما هي عليه اليوم؟ ومن هو المتسبب في هذه الخسائر المتلاحقة، في وقت يجب أن تكون فيه أسواقنا مرآة تعكس قوة الاقتصاد الكلي للدولة، وصلابة هذا الاقتصاد. من الواضح أننا وصلنا إلى مرحلة تحتاج إلى وقفة جادة لنضع النقاط على الحروف، ويبدو أن هناك أطرافاً عدة تتحمل مسؤولية ما يمكن أن نطلق عليه «العبث بالأسهم»، بدءاً من المضاربين والمتلاعبين بالأسهم، الذين كانوا يسرحون ويمرحون في الأسواق، ويبثون الشائعات والأقاويل هنا وهناك، وصولاً إلى الأشخاص الذين حاولوا الاستفادة من مواقعهم المؤثرة في بعض الشركات القيادية، للتلاعب بالأسهم وتوجيهها نحو تعزيز وتضخيم مكاسبهم الشخصية، مروراً بالجهات الرقابية والمشرفة على الأسواق، التي لم نرها تواكب التطورات السلبية في الأسواق، ولم نجد منها إجراءات كافية أو تحركات سريعة، ولا حتى «جريئة»، بما يكفي لحماية السوق. اللافت أننا حين ننظر إلى الكثير من الأسواق الإقليمية والعالمية، نجد العديد من الإجراءات العقابية والتأديبية من جانب الجهات الرقابية، بصورة شبه يومية، ثم حين نلقي نظرة أخرى على أسواقنا المحلية، لا نرى سوى إفصاحات الشركات التي يرتبط أغلبها بالاجتماعات والقرارات الروتينية والمشاريع التي تنفذها تلك الشركات، وفي حالات تكاد تكون نادرة للغاية، نجد ردوداً على استفسارات من الجهات الرقابية، فهل نحن بحاجة إلى رقابة أكثر قوة على أسواقنا وشركاتنا و«هوامير» بورصاتنا؟، أم يكفينا «الأسلوب الكلاسيكي» والراقي في التعامل مع الأسواق، أم أن شفافيتنا بحاجة إلى «شفافية»؟. نقولها بلهجتنا المحلية.. «أسميك يا سوق»، فبالرغم من كل الظروف التي تواجهه، فهو قادر على العودة من جديد، لقد عودنا هذا السوق على التعامل مع الكثير من التحديات والصعاب، وفي الكثير من الأحيان كان يداوي جراحه بنفسه، وهو يمتلك كل المقومات ليداوي أوجاعه مجدداً هذه المرة، فبالرغم من كل الظروف والتحديات، تبقى الثقة في اقتصاد دولة الإمارات لا حدود لها، ويظل اليقين راسخاً بقدرته على التعاطي مع جميع المتغيرات وتجاوز كل الكبوات، فهو الاقتصاد الذي بني على أسس سليمة ومتينة، ولن يتأثر كثيراً بسلوكيات مضارب أو باحث عن مصلحة خاصة أو ضعف ما في الإجراءات الرقابية. hussain.alhamadi@admedia.ae