يبدو أن الرياضة الإماراتية لا تعاني من شح المواهب على مستوى اللاعبين وحسب، بل هناك مشكلة أخرى لا تقل أهمية وهي نقص الكوادر الإدارية المؤهلة لقيادة العمل الرياضي خلال السنوات القادمة، وجولة بسيطة في أروقة مؤسساتنا الرياضية كفيلة بكشف هذه الحقيقة، فلا زالت الوجوه القديمة هي العنصر الغالب، فهل يعقل أن هناك شخصيات تمارس العمل الإداري في رياضتنا منذ أكثر من 40 سنة، ومع ذلك لا تزال مصرة على البقاء وعدم مغادرة الكرسي الوثير.
أين هي قيادات الصف الثاني والثالث الذين تم تأهيلهم خلال الفترة الطويلة الماضية، لماذا كلما تعشمنا خيراً بظهور بعض الكفاءات الشابة وراهنا على قدرتهم في إثبات جدارتهم وإمكانياتهم، لا يلبثون أن يختفوا من المشهد في ظروف غامضة للغاية، وكأنهم يتعرضون لحملة «تطفيش» منظمة، والأسباب معروفة والمبررات مكررة، فالبيئة طاردة ومنفرة، والأجواء في العمل الرياضي ملوثة وعكرة.
أين هي مخرجات مركز إعداد القادة الذي يتبع الهيئة العامة للرياضة، وهو الذي نعرف بوجوده ككيان على الورق ومبنى على أرض الواقع منذ سنوات طويلة، ومع ذلك لا زلنا لا نعلم ما هي أسباب وجوده؟ وما الذي قدمه لرياضة الإمارات طوال تاريخه؟ وكم من القيادات التي حصلت على فرصة الصقل والتأهيل في قاعات المركز وبين تلك الجدران؟ وإن وجدوا فأين هم الآن؟
نسمع بين الحين والآخر عن برامج لتأهيل القيادات الرياضية، وعن تلك الدورة التي بدأت باستعراض الأسماء و«بروباجندا» وضجيج، وبرنامج حافل وزيارات وتختتم بحفل تخريج، وتوزيع الشهادات، وسيل من الإشادات، ثم ماذا؟ يذهب كل في حال سبيله، فلا توجد إدارات رياضية لديها الرغبة في اجتذاب هذه الكفاءات، ولا إعطائها الفرصة، ولا إتاحة المجال أمام الشباب، فكل الشواغر والمقاعد محجوزة بالكامل للأهل والأقارب والأصحاب.
بعض الإدارات الرياضية خصوصاً على مستوى الأندية أصبحت عائلية بامتياز، يديرها الآباء ولا يتركونها حتى يورثوها للأبناء، بغض النظر عن الكفاءة والإمكانيات، وتبدو الأبواب شبه موصدة أمام أولئك الطموحين والراغبين في العمل.
لن تتطور رياضتنا طالما تدار بأفكار قديمة بالية، أكل عليها الدهر وشرب، والدليل كمية الغبار الذي يصدر من كتيبات اللوائح والقوانين الموجودة في مؤسساتنا الرياضية العريقة والتي تمت صياغتها في زمن مختلف عن زمننا هذا، واليوم نحن بحاجة إلى أكاديميات رياضية لإعداد الكوادر الإدارية، واجتذاب الشباب القادرين على مواكبة العصر، وملاحقة المتغيرات، وتجديد دماء رياضتنا، فشكراً للحرس القديم، ولكن هذه سنة الحياة ودورة الأجيال، فلكل زمن دولة ورجال.