في انتخابات الوطن نحن بحاجة إلى الخبرة الواسعة، والخبرة الناضجة، ولكن وجود الشباب يشكل مفصلاً من مفاصل الدعم، ودفع المركبة بحمية من لديهم شعلة الجديد، وشمعة التواصل ما بين الإبهام والخنصر. هكذا تكتمل دائرة الضوء، وهكذا تستدير الشمس حول فناء الأرض، وتصبح الدروب مثل شرايين القلب، تصبح الأعناق مثل أغصان الأشجار العملاقة، تصبح العقول مثل المصابيح المضاءة بالإرادة والعزيمة.
شبابنا أثبتوا في مختلف المجالات، أنهم نجوم مضيئة، وأنهار ممتلئة بالصفاء ورخاء المعرفة، وثراء الوعي. شبابنا ولجوا اللجج بأحلام الكبار، فصعدوا إلى الفضاء بأجنحة النبوغ، وبلغوا الأعالي مسومين بتيجان المحبة والانتماء إلى النبلاء من بني البشر.
هكذا هم يستطيعون أن يتجاوزوا التجارب، ويتخطوا الخبرات، ويعبروا المراحل بنخوة الولاء والإيمان بأن الأوطان لا تبنى بالتمنيات، وإنما بالتطلعات والطلوع في الليالي المدلهمة أقماراً زاهية بالطموحات الكبيرة، ونجوماً لامعة بالإصرار والتصميم، وعزائم الرجال الأوفياء. هكذا هم شبابنا اليوم، يعصمون رؤوسهم، ولا يعصبون عيونهم، وهم ذاهبون إلى القبة الزرقاء، وفي أذهانهم أن الوطن خيمتهم، وبيتهم المتوحد، وعليهم تقع مسؤولية حفظ الشأن، وكسب الفن، في صباغة الأفكار التي من شأنها أن تكون الحصن الحصين، والحضن الأمين، والبوح الرزين، في وطن ملأ الأسماع والأصقاع بوحاً نبيلاً، ولحناً جميلاً، وصار في الدنيا مآلاً لمحبي الحياة، منزلاً لعشاق اللون الباهر.
هكذا هم شبابنا نتوخى منهم البحث عن الذات من خلال ذات تحررت من الشوائب، وتخلصت من النوائب وذهبت إلى الآخر، بقلوب مثل الأنهار تروي، فتمنح الحياة للآخرين، وتسقي، فتملأ أحشاء الكون بأجنة الفرح.
هكذا هم شبابنا، نرى فيهم صورة الآباء المؤسسين الذين زرعوا الآمال على ربوات عالية، ونظروا إلى الصحراء، فلثموا رملها، بقبلات الانتماء إلى الأرض. هكذا هم شبابنا، نتأمل وجوههم، ونقرأ على جباههم إرادة الأولين الذين ناخت لهم ركاب الزمن، حتى فاضت التضاريس، من عرق كدهم وجهدهم، وكدحهم. هكذا هم شبابنا، نقترب منهم، فنشعر أننا أمام صغار كبروا سريعاً، وأصبحت طموحاتهم بحجم تطلعات الوطن، وإرادة أهله، وتاريخ امتد في الذاكرة، كامتداد صورة الصحراء في عروق الشجر، ومهج الطير.