مللت الاستجداء.. وكرهت الكثير من لغتي القديمة.. أن تحفِّز وأن تدعو وأن «تتسول» الجماهير.. أن تحدث اللاعبين عما يعلمون وما كابدوا في مهنتهم طوال أعمارهم.. أن تتشبث بأشياء ليست حقيقية.. كلها معانٍ ليس إلا.. الكرة فوز وخسارة.. وعليك أن تقرر وأن تعمل على ترجمة هذا القرار. حتى الآن، وبحسابات التاريخ والجغرافيا والكرة، نحن لم نخض مواجهة صعبة، بل يمكن القول إننا لم نلعب.. واجهنا البحرين وتعادلنا، ثم عبرنا الهند بصعوبة وهذا متوقع جداً، وتعادلنا مع تايلاند وما كان لنا أن نتعادل، وفي دور الثمانية فزنا على قيرغيزستان بشق الأنفس.. بحياد وتجرد لم نلعب كما يجب، لكننا تأهلنا كما يجب.
اليوم، نواجه منتخب أستراليا حامل اللقب، ومعها نقف في وجه التاريخ.. نعم التاريخ الذي يحفظ جيداً أن المنتخبين التقيا في خمس مناسبات سابقة، فازت فيها أستراليا ثلاث مرات في مواجهات رسمية، مقابل تعادلين دون أهداف في مباراتين وديتين، ويحفظ أيضاً أننا التقيناهم في نصف نهائي النسخة الماضية من كأس آسيا، وفازت أستراليا بهدفين نظيفين.. إذن قف في وجه التاريخ.. هل ظننت أن التاريخ لا يُصنع إلا جبراً.. قبل الانتصار لم يكن هناك شيء أو كانت خسارة.. أنت من تبدل الصفحات والحروف.
حسناً، إن كانت أستراليا وليس منتخباً سواها.. تُرى هل كان الأمر سيختلف لو أننا سنواجه اليوم سواها.. اليابان مثلاً أو كوريا الجنوبية أو الصين.. كنا سنلجأ لذات المفردات، وربما تلك التي أزعم فيها أنني أهجر لغتي القديمة.. الكتابة في الكرة تحدث في الملعب.. لا تصدق من يقولون إنهم يكتبون عنها.. هي فقط أمنيات، لكن من يكتب أنت.. أنت يا إسماعيل ويا حمادي ويا مبخوت ويا خليل.. نحن فقط من شخوص الرواية لكنكم الأبطال.
بالمناسبة.. فرصة تغيير التاريخ أكبر من فرصة أن يستمر على هذا المنوال.. هو لا يميل للاعتياد، لكنه لا يقرر وحده.. التاريخ محايد يقف ليتفرج، وبعد أن ينفضّ السامر يكتب تقريره ويودعه خزانة الزمن.
قلتها وأكررها كثيراً.. كل ما نريده أن تلعبوا.. نحن نعلم جيداً متى تلعبون كما يجب.. متى تؤدون بقلوبكم وأرواحكم.. ذلك كل ما نريده، ولو فعلتموها صدقوني ستأتي النتيجة كما تريدون.
والآن.. هل أدعو الجماهير كي تكون هناك في استاد هزاع بن زايد لتحرس حلمها.. صدقوني من يعلم لن يخلف الموعد.. من يحلم سيكون هناك.. من يرى في المنتخب بعضاً من وطن لن يتركه.. من يحبه لن يشترط أولاً، ولن يمنعه ما كان ولا المعاناة من أن يمضي صوب نفسه.
** كلمة أخيرة:
التاريخ يصنعه الأقوياء.. والضعفاء أيضاً