في أكتوبر قبل عامين، وبعد مرور 4 جولات من دوري المحترفين، كان الشارقة يحتل المركز الحادي عشر وقبل الأخير في المسابقة بنقطة يتيمة، من تعادل و3 هزائم، وكان لا بد من حل وخطة لإنقاذ الفريق من مغبة الدخول إلى المجهول، وجاء الخبر اليقين بإعفاء البرتغالي بيسيرو، وتكليف عبدالعزيز العنبري مدرباً للفريق.
كانت المهمة شبه انتحارية، ولا أتوقع أن أي مدرب أجنبي لو تم التعاقد معه حينها كان سيصيب شيئاً من النجاح، فمن هذا المدرب الذي سيغامر بتاريخه من أجل تدريب فريق يعيش تلك الأوضاع الصعبة؟ إلا إذا كان دافعه الوحيد هو المال، أما العنبري فقد كانت دوافعه كثيرة، أهمها رد الدين والحب والانتماء لهذا النادي، الذي عاش بين جدرانه أجمل سنوات حياته، وقدمه للدنيا لاعباً فذاً ونجماً يشار له بالبنان.
نجح العنبري في تلك المهمة، وتجاوز الأزمة، وأنهى الشارقة الموسم في المركز السادس، وبينما اعتقد البعض أن مهمته انتهت كمدرب طوارئ، وحان الوقت للبحث عن اسم أجنبي لقيادة الفريق، أحسنت الإدارة الشرقاوية صنعاً عندما جددت الثقة في ابن النادي، وتم التوقيع مع العنبري مدرباً بعقد يمتد لموسمين.
جرت العادة، عندما تفاوض أنديتنا أي اسم معروف في عالم التدريب، أن يقوم بوضع مطالبه وإملاء شروطه، وتحديد الأسماء التي يرغب في ضمها للفريق، قبل أن يضع توقيعه على العقد، فهو لا يأتي إلا إذا توافرت له الأدوات التي تضمن له النجاح، كما جرت العادة أن أنديتنا عندما تتعاقد مع المدرب المواطن تطالبه بالنجاح، من دون أن تكبد نفسها عناء توفير أدنى مقومات هذا النجاح المطلوب.
أما إدارة نادي الشارقة فقد كسرت القاعدة، وهي سابقة تحسب لها، حيث قامت بتوفير الأدوات المطلوبة والتعاقد مع لاعبين أجانب على مستوى عالٍ، وتدعيم صفوف الفريق بلاعبين مواطنين مميزين، وفرشت هذه الإدارة دروب النجاح أمام المدرب، فكان عند حسن الظن، فلما تكاملت الأدوار عادت الابتسامة إلى مدينتها، وعاد الملك ملكاً.
وخلال عام واحد فقط، كان العنبري أول مدرب مواطن يقود فريقه للتويج بلقب الدوري، وأول من توج بلقب السوبر لاعباً ومدرباً، وأثبت بذلك أن أهل مكة أدرى بشعابها، وزامر الحي عندما يحصل على الفرصة كاملة بلا نقصان قد يطرب، وتكون ألحانه عذبة وشجية، ولديكم العنبري مثلاً، أنموذج ناجح للأسماء الوطنية، اكتملت لديه الصفات: أخلاق عالية، وتواضع جم، وكفاءة تدريبية.