ليت لي في ملعب الحظ وقتاً إضافياً. لكنت ركلتُ غمامة النحس، وأنذرت ظلال اليأس التي تطاردني منذ ولدتُ. وأخرجت كروتي الحمراء كلها في وجه الخوف، ووجوه الرجال الذين توعدوني بدخول النار وأنا بعد طفل. والأمهات اللواتي منعن بناتهن من الابتسام لصورتي في جيوبهن. وها أنا في لعبة لا تزال كأنها بالمجّان. يوماً، عندما أطلق شرطيُّ مرور صافرة البداية، ووجدتني أركض في مباراة لا تنتهي. في الشوارع التي يكثر فيها المراوغون وتُقتل فيها الحقيقة وتُركل. في المدارس المحشوة بجمهور زائد على التعليم. في الأعراس التي يصدحُ فيها تشجيع الفحولة، لكنها تنتهي بالقسوة والفراق. في المجالس التي كلما دخلتها بحثاً عن عظة، خرجتُ مغموماً وفي فمي تغصّ أسئلة ناشزة. وكان عليّ أن أركض أسرع من الكلب كي أنجو من عضّة الحسرة. وأن أتسلّق أشجار شوك كي أهتدي للثمرة الفاسدة. ومن ورائي كانت الكلمات تغيّر جلدها كل ساعة، وتُساق في ذلٍ لمن حمل العصا. وبأم عيني، رأيت الهزيمة في عين الجبان قبل أن يدلف إلى ميدان يأسه. وأدركت منذ صباي، أن الفائز في الأخير ليس هذا الذي يحمل الكأس، وإنما السماسرة من وراء الستار. ليت لي في ملعب الحب فماً. لكنت هتفتُ على بابها دهري كله. وسدّدت قبلاتي على جدارها حتى يتهدّم ويختفى. برجلٍ قوية ركلتُ قلبي باتجاهها، لكن نواطير الليل صدّوا وردّوا. وبحيلة الضعيف، كتبتُ قصائدي وتسللتُ فيها حبراً يصير دماً لو تقرأه عيناها، لكن سعاة البريد ماتوا في طرقات المتاهة ولم يسأل عن غيابهم أحد. ثم قال لي رجل عجوز: كن بطلاً ضد خصمك الداخلي. ثم أشار بعكازه إلى جبيني وقال: هذه كرة رأسك، فانظر في أي شباك أنت ملقيها. وما دمت ترى الحياة ملعبك الكبير، فعلى الأقل اخرج متعادلاً حين تواجه الفراغ، وحين تحدّق بأقصى ما تروم، ولا ترى للنهاية من أثرٍ سوى استمرارها. ماذا ستفعل حين تدرك أن خصومك هم في الأصل ظلالك؟ وأن الهدف الذي حققته وركضت منتشياً به، كان في مرماك؟ كل لعبة تنتهي وينفضُّ راقصوها، إلا لعبة الجلوس وجهاً لوجه أمام ذاتك. عندما لا يكون بينكما حكمٌ ولا جمهور، ولا تعود تعرف هل تدافع أم تهاجم، أم تظل تدور لبقية عمرك في منطقة الوسط.