هذا الرجل، ليته يعرف ما يدور في خلدها، إنه منذ أن عرفها، وهو يخفق بقلب ملؤه الغبار، وبقايا أزمنة الخيول الجامحة. هذا الرجل يفكر بقدميه، ويبث مشاعر متدفقة من بين أصابعه، ويمضي في وصف الحالة العاطفية، كما يصف لون الحمار الوحشي.
هذا الرجل مجنون إلى حد الصداع، يريد أن يغير من اتجاهات الكرة الأرضية، برمشة جفن، أو لمحة بصر، أو إشارة سبابة. إنه اعتاد على تغيير الاتجاهات منذ زمن عاد وثمود إنه تمرس على تقليم أظافر الظروف بمقص موروثه الذكوري ولا يعبأ بما يحدث في النهر من تغيرات في المجرى والمصب. هذا الرجل يريد أن يحتال على مجريات التاريخ، وتراكماته، وتفتق الأفكار عن أزهار تعطر الحقل، وتفيض بعبق النهار.
هذا الرجل لا يعرف عن أنوثة المرأة، وعبقريتها عندما تتخلص من شروخ المرآة، وتشقق الجدران في البيت القديم.
هذا الرجل لا يعرف عن بداهة الفطرة، وعفويتها، وغزارة مياهها عندما تفيض بالوعي، وتزخر بالأحلام الزاهية. هذا الرجل لا يعرف شيئاً عن تطور ساعة الزمن، ودورانها بعيداً عن صدأ القوة الوهمية، لذكورة باءت بالفشل الذريع، كلما احتدمت، واصطدمت بمجرى النهر الخالد.
هذا الرجل يغفل قدرة التاريخ على تحريك العجلات الغاطسة في الوحل، ومكانته في تغيير لون الأشجار الصفراء إلى الأخضر اليانع. هذا الرجل يعجز عن فهم، كيف تبدو الوردة زاهية عندما ترشف من عذب الماء، وعندما تتنفس الهواء الطلق، وعندما تفلت من قبضة الحشرات الضالة.
هذا الرجل ترسب عند مرحلة من مراحل التأزم الذكوري، ونما في الوجود مثل شجرة سامة، ولم ينحن للريح، حتى تكسرت أغصانه وبدت في الحياة، أعواداً يابسة. هذا الرجل، لم يع دور الأنامل الناعمة في كتابة كلمة الحضور في الوجود، فتعالى، وتكبر، وتجبر، وتخثر، وتكسر، واندحر، واندثر، ولم يثمر غير السقم والعلقم.
هذا الرجل، أصبح اليوم وبعد زمان من التكاثر الجنوني، بيضة فاسدة لها رائحة الكساد، ولون الرماد. هذا الرجل ربما خدعته الألوان البراقة، لأفكار أقدم من الأحافير، وسار يلهث خلف اللون مثل المأفون، ويؤمن بأضغاث طوقته بأغلال الخوف من تغير شكل الأرض التي يمشي على أديمها، من اللون الأصفر، إلى اللون الأخضر، فالأخضر يفزعه، لأنه يخبئ في ثناياه، الثمرة التي أنزلته من فوق إلى الحضيض.
هذا الرجل يشعر بصداع، لأن الاحتباس الحراري وصل إلى مرفقه، وصفد معصميه بسلسلة من الأفكار المعتمة.