تداول الناس قبل أيام مقطعاً لشرطية أميركية بإحدى مدن الولايات المتحدة، وهي ترد بكل ثقة واستهزاء على محتال اتصل بها دون أن يعرف هويتها طالباً بياناتها الشخصية لتنفيذ مآربه الإجرامية للاستيلاء على أموالها«أونلاين». الثقة استمدتها من معرفتها لقوانين المؤسسات والجهات التي تتعامل معها ،ولا تطلب على الإطلاق هاتفياً أو «رقمياً» عبر التطبيقات أو البريد الإلكتروني أية أرقام للحسابات المصرفية أو البيانات الشخصية.
عندنا رغم كل التحذيرات لا زلنا نسمع عن سقوط ضحايا جدد في المسلسل المتواصل لنصابي ومحتالي البنوك الذين يدعون تمثيلها، ويستدرجون ضحاياهم للإيقاع بهم وسلبهم مدخراتهم. وأحدث ما سمعنا واقعة شاب عربي مقيم في دبي تجاوب مع المحتال عبر الهاتف ليتبخر بعد ذلك رصيده في ثوان معدودات، وقبل أن يفيق من صدمته كان الرصيد صفراً. هرع لفرع المصرف الذي يتعامل معه، خاصة أن الرصيد الذي يقدر بمئة ألف درهم قد تم تحويله لحساب في البنك نفسه قبل أن يتلاشى، ولكن واقعياً وتقنياً لم يكن هناك من أمر يمكن أن يقوم به الفرع أكثر من دعوته لطرق أبواب الشرطة والقضاء بحسب المقولة المعروفة «وعلى المتضرر اللجوء للقضاء».
قبل أيام أيضاً أمطر نصابو العالم الرقمي الكثير من الناس عبر«الإيميل»، والرسائل النصية برسائل عن وجود مبلغ مسترد لهم من مدفوعات ضريبة القيمة المضافة بمبلغ عشرة آلاف درهم، وعلى الراغب في استرجاعها إرسال بياناته الشخصية، وأرقام حساباته للمصرف الذي لا وجود له أصلاً سوى في مخطط المحتال مرسل الرسالة الذي يستغل الحالة الضريبية التي استجدت عندنا على طريقة النصابين الأفارقة قديماً الذين ما يسمعون بكارثة إلا انتحلوا صفة ورثة ضحايا أثرياء ليحتالوا على مغفلين أعماهم الطمع وابتلعوا الطعم.
ونحن نضم أصواتنا إلى أصوات الجهات المختصة، من دوائر شرطة، ومصارف للحذر من هؤلاء المحتالين، أتمنى أن تشرح لنا هذه الجهات الكيفية التي يستطيع بها هؤلاء المحتالون إرسال رسائل نصية من شبيه الرقم الذي ترد منه رسائل هذا المصرف أو ذاك للمتعاملين معه، وإتمام ذلك الانتحال بهذه الحرفية العالية التي نشاهدها. كما نتمنى أن تعزز المصارف أقسام الاتصال فيها بكوادر ترد بصورة فورية على المتعاملين معها، بدلاً من تركهم لتلك النغمات الموسيقية التي ترفع الضغط، وتترك المتصل نهباً للقلق.