في الحياة هناك أمور تتجاوز مسمياتها الاعتيادية، لتذهب نحو آفاق أبعد، حدثاً مثل مباراة كرة قدم بين فريقين، إذ تبدو الأمور، وكأنها حدث رياضي صرف، ولكن فوز أحدهما على الآخر قد يجلب الفرح لشعب بأكمله، وقد يأتي بحزن يلف البلاد كلها.
نعم هي مباراة، ولكن نعم هو وطن أيضاً يمثله أحد عشر لاعباً في الملعب، يحملون أعلام بلادهم على قمصانهم، ويحملون وطنهم في قلوبهم، لذلك نصفق لهم حتى وإن خسروا، إن قدموا لوطنهم ما يشفع لهم من لعب قتالي، ورغبة في الفوز، حتى وإن لم يتحقق هذا الفوز.
وفي لحظة قد تتغير كل المعادلات، عندما يحضر شخص إلى الملعب، ولكنه يجسد الوطن كله بطموحاته وتاريخه ومستقبله، في هذه اللحظة تتجاوز الأمور أبعادها الكروية، لتعطينا مشهداً رائعاً لفرحة الشعب بقائده الذي جلس بين أبنائه وبناته وأحفاده، ولم يجلس على المنصة الرئيسة ليقول لشعبه: أنا واحد منكم، ويقول للاعبيه إننا كلنا معكم، فكانت ليلة الاثنين فرحة وطن بأكمله.
فرحة وطن بقائده الذي حضر وشجع وآزر، كأي مشجع في الملعب، وفرحة وطن بأبنائه الذين تأهلوا إلى ربع نهائي أمم آسيا، بعد الفوز الصعب على قيرغيزستان بثلاثة أهداف لهدفين، وفرحة وطن بتنظيم شهد له القاصي قبل الداني.
ورغم حزني على رحيل والدي، إلا أنني فرحت لكم، لأنكم تجعلون من يعيش بينكم، يشعر أنه واحد منكم، وأن الإمارات وطنه الثاني وحتى مثل الأول.