كثيرة هي الظواهر السلبية التي تسود ساحتنا الرياضية منذ دخلنا عهد الاحتراف الواهم، واختلطت الأمور ولم نعد نفرق الصحيح والإيجابي من الخطأ والسلبي، التي ألقت بظلالها على علاقات مؤسساتنا الرياضية وإداراتها وتعالت صرخات المطالبين بالتغيير والتحديد والتشديد والتقنين، والاستعانة ببيوت الخبرة من خارج الدار، حكاماً وقانونيين ومخططين ومبرمجين حتى عامل المهمات، وكل من له صلة بمعشوقتنا كرة القدم وصبت كل الأطراف جام غضبها على كل منظومتنا الكروية. وأصبحت ظاهرة التعالي على الحكام الأكثر شيوعاً بين اللاعبين والإداريين بفئاتهم المختلفة، وحتى الجمهور الرياضي يَجدّ في التعبير عن استيائه من نتيجة مباراة فريقه، بكيل الشتائم إلى الحكام ولجنة التحكيم كما هو الحال بالنسبة إلى لجنة أوضاع وانتقالات اللاعبين ولجنة الانضباط واللجان القانونية الأخرى. واللافت أن أكثر المتعالين على الحكام في المستطيل الأخضر هم اللاعبون من النجوم الذين يتقاضون الملايين ويجدون أنفسهم فوق القانون، ويعترضون على قرارات الحكام بتعالٍ ويستفزون الجماهير والمتابعين أمام الشاشات، بأن الحكام يتعمدون عقوبتهم، كأنهما طرفان على نقيض في أهدافهما لتعطيل نجاحات بعضهما، وأنهما في تنافس لمن يقهر الآخر ويسعى لتعطيله بإيقاع العقوبة وحرمانه من الاستمرار بالإنذار والطرد ليحرم الفريق من جهوده وتعاقبه لجنة الحكام بإبعاده عن اللقاءات المقبلة، كما أن هناك أطرافاً أخرى تدعم ذلك التوجه من المدربين خلال المباريات أو المؤتمرات الصحفية والإداريين الذين يجدون في وسائل الإعلام ضالتهم، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. الكل هنا متفق على الإساءة للآخر ويبقى الحكم هو الطرف الأضعف الذي يواجه تعالي اللاعبين والمدربين وإساءاتهم له في الملعب ومن الإداريين، بعد أن يطلق صافرة النهاية يتلقى سيلاً من الإهانات ويعلق الكل إخفاقه عليه، وكأن نجاح الاحتراف من فشله يتحمله الحكام الذي تطوعوا مخلصين لإدارة متافساتنا، متسلحين بنظم وقوانين اللعبة في ظل التعالي المستمر من المتربصين لهم في الملعب وخارجه. لسنا مع استمرار الأخطاء التحكيمية وغض النظر عن المتكررة منها، وفي نفس الوقت لسنا مع الإساءات والتعالي من اللاعبين والمدربين والإداريين لقضاة ملاعبنا، ودعمهم وتشجيعهم يجب أن يكون من أولويات توجهاتنا، لأن منظومتنا الكروية لن يكتب لها النجاح، واحترافنا لن يبلغ الهدف إلا بتضافر الجميع في الملعب، وخارجه من اللاعبين والإداريين ومعهم جميعاً الإعلام الرياضي بالنقد الهادف والبناء.