احتضن ثرى الإمارات الطاهر أمس الشاعر والأديب والإعلامي الكبير حبيب الصايغ في رحلته الأخيرة مختتماً مسيرة إبداعية حافلة لمس عطاءها القاصي والداني، وحقق عبرها نجاحات نوعية جمة رافعاً اسم الإمارات عالياً في سماء الكلمة ورفعة الحرف ونبض القصيد، وصاغ مدرسته الشعرية المتفردة مجداً ومجدداً للقصيدة.
برحيل حبيب الصايغ فقدنا أخاً وزميلاً وإنساناً ومبدعاً، وفقدت الإمارات قامة إماراتية باسقة كانت لها بصماتها ولمساتها في ميادين الفكر والأدب والمواقف الوطنية النبيلة، وقلماً وطنياً جريئاً من الطراز الأول شهدت له كل الميادين والساحات.
نعى قادتنا وشيوخنا الكرام الفقيد، تقديراً لمكانته التي جعلته قريباً من الجميع على اختلاف مواقعهم واعترافاً بإسهاماته المبدعة، وتعبيراً عن مكانة المثقف الوطني المخلص، ودور الثقافة في مسيرة بناء الإنسان، مادياً وروحياً.
تفخر صحيفتنا «الاتحاد» أن الصايغ كان أول صحفي إماراتي يلتحق بها قبل أن يصبح نائباً لمدير تحريرها في سبعينيات القرن الماضي، وينطلق في مسيرته بعد ذلك متنقلاً بين محطات عدة، قبل أن يضع مراسي سفينة عمله الصحفي في الزميلة «الخليج» رئيس تحرير مسؤولاً، مروراً بتجربته الخاصة في مجلة «أوراق» وحتى رئاسته لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
«حبيبنا»- كما أطلق عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة- عرفته عن قرب زميلاً متفرداً وأستاذاً له مدرسته الخاصة، وصاحب قلم جريء جرأة فكره وطروحاته. واقتربت منه أكثر خلال مشاركتنا معاً في معركة كل شرفاء هذا الوطن في مواجهة عناصر وأبواق التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها جماعة «الإخوان الإرهابية» الذين صورت لهم نفوسهم المريضة للحظة محاولة النيل من إماراتنا الحبيبة. وكذلك في مواجهة المنظمات المتاجرة بحقوق الإنسان.
«حبيبنا» كان أول إماراتي يتبوأ المنصب الرفيع أميناً عاماً للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وبهمة الشباب كان يحرص كل الحرص على المشاركة في المنتديات والمحافل الأدبية في مختلف أصقاع الأرض، حاملاً ذلك الهاجس بإبراز حيوية المشهد الإبداعي في الإمارات، وبأنها ليست فقط نفطاً وناطحات سحاب.
«حبيبنا» وإن رحل سيظل حاضراً بيننا بما ترك من روائع إبداعاته وطيب معشره وأسلوبه الدؤوب في مطاردة الكلمة والمعلومة، كما لو أنه في أول أيام عمله في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة. رحم الله أبا سعود وأحسن عزاءنا جميعاً.