في عصر بات فيه الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» هي المسيطرة على المشهد الإعلامي الجديد من خلال انتشارها واتساع مستخدميها على مستوى العالم، كان لابد من حدوث تصادم بين هذه الوسائل المستحدثة والوسائط التقليدية المتمثلة في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة، وليتجدد الجدل من جديد هل تستطيع هذه الوسائل المستحدثة وغير المكلفة النيل من الوسائل التقليدية الممثلة في الصحافة المكتوبة؟ لقد أتاحت الوسائل التكنولوجية الحديثة أمام البشر حرية التعبير عن الرأي، ونقل ما يتم من أحداث وأخبار مباشرة بعد حدوثها، وبالتالي أتاح للجميع إنشاء إعلامه الخاص به وليس بالضرورة أن يتمتع بحرفية وإمكانيات الإعلام التقليدي أو حتى ليس بالضرورة أن يتمتع بالمصداقية. والسؤال الذي يطرح نفسه بشكل قوي ماذا بقي للصحافة المطبوعة والوسائل التقليدية من عناصر وأدوات تستطيع أن تدخل فيها هذا المعترك في ظل التحول الكبير في العالم إلى التقنيات والوسائل الحديثة لمعرفة أخبار وأحداث العالم عبر كبسة زر فقط؟ في الواقع كان على الصحافة المكتوبة قبل عشر سنوات أو أكثر أن تتنبه إلى هذا الخطر عندما تكاثرت القنوات الفضائية، وأصبحت تنقل الأحداث والحروب مباشرة إلى العالم، كان على الوسائل الإعلامية التقليدية التخلي عن تقليديتها في التخاطب مع القارئ بلغة العصر الجديد وقبل ذلك احترام شغفه واندفاعه للتقنيات الحديثة التي أجبرته بالتحول إليها. وأيا ما كانت النتائج فإن المتلقي هو المستفيد ففي ظل انتشار المعرفة عبر فيسبوك وتويتر ومن قبله البريد الإلكتروني بات على العاملين في الصحافة المكتوبة تغيير نمط الأداء والبحث عن الجديد وهو ما تحقق بالفعل حيث اختلفت الصحف في الألفية الأولى من القرن الحادي والعشرين عن سابقتها، واتجه العديد من هذه الصحف إلى التجويد والاعتماد على صحافة الرأي بدلا من النقل، وارتفع منسوب المصداقية بعد أن باتت في منافسة غير متكافئة مع الوسائط الجديدة. لكن هل بات الاستغناء عن الجريدة الورقية واردا في ظل هذه التسهيلات؟ الإجابة طبعا بالنفي فلا غنى عن الجريدة المطبوعة مهما توافرت وسائل المعرفة المجانية عبر الصحافة الإلكترونية، لكن علينا معشر الصحفيين أن نعلم أن الحديث عن الفيسبوك أو تويتر قبل عشر سنوات كان ضربا من الخيال واليوم هي أشياء ملموسة، ولا ندري ما تحمله التكنولوجيا للبشرية بعد 5 سنوات من الآن. وأيا ما كانت النتيجة فالقارئ هو المستفيد، وعلينا أن نحسن ما نكتب ولا سبيل أمامنا سوى الاعتماد على صحافة الرأي والاستفادة مما تقدمه التكنولوجيا في آن.