هناك فئة من الموظفين في الدوائر الحكومية يطلق عليهم موظفو (المياومة) هؤلاء يتم الاستعانة بهم عادة لسد الشواغر الموجودة في الوزارات والدوائر الاتحادية التي لا يوجد درجات مالية متوفرة بها يمكن من خلالها تعيين موظفين دائمين عليها، وقد جرى العرف في هذه الوزارات وتلك الدوائر على أن ما تعجز الخدمة المدنية أو وزارة المالية عن توفير درجة له أو ما يطلق عليه (فك الربط) أو (الافراج عن الدرجة) وهذه المصطلحات كلها يقصد بها الدرجات المالية التي تتطلبها آلية العمل في وزارة ما أو هيئة أو مؤسسة اتحادية، وعندما لا تتوفر هذه الدرجة وتكون هناك حاجة للعمل فإنه لا يوجد أمام المسؤولين بهذه الوزارات وتلك الدوائر والمؤسسات إلا اللجوء إلى ما يطلق عليه (موظف المياومة)·
هذا المصطلح صار دارجاً منذ السبعينيات في القرن الماضي عندما برزت هناك حاجة للاستعانة بهؤلاء الموظفين في وظائف كمساعدين فنيين أو كتبة أو مساعدين في مواقع إدارية أو غيرها، وعادة لا يتجاوز راتب موظف (اليومية) 1500 درهم ثم يتم تحسين وضعه من خلال تكليفه بأعمال إضافية يتقاضى عنها عشرة دراهم يومياً أي أن راتبه بعد الوقت الإضافي يصل إلى حوالي 1800 درهم، وهو بالطبع لا يسمن ولا يغني من جوع·
وعلى الرغم من سوء حالة موظفي (المياومة) إلاّ أن الروتين والبيروقراطية العتيقة استكثرت على هؤلاء صرف بدل إضافي أي أنها استكثرت عليهم صرف 300 درهم شهرياً، وهو ما وضع أعداداً كبيرة من هؤلاء في موقفٍ لا يحسدون عليه كما أنه وضع الوزارات والدوائر الاتحادية أيضاً في نفس الموقف إذ أن بعض اليوميين يقوم بعملٍ أفضل من الموظف (المثبت) الذي يتمتع بامتيازات وسكن وتذاكر وغيرها من الاجازات السنوية·
فوجئ هؤلاء (اليوميون) بأن تعميماً جديداً صدر بحقهم يستكثر عليهم العمل الإضافي ويحصرهم في خانة راتب شهري لا يتجاوز 1500 درهم، وهو ما دفع أعداداً كبيرة منهم للتفكير في الاستقالة، ليست هذه مشكلة هينة كما يتصور البعض، وليست هذه أيضاً مشكلة لا تستحق المناقشة كما يحلو للبعض أن يتعامل معها خاصة وأنه ينظر إلى هؤلاء اليوميين على أنهم مجرد نقطة صغيرة في هامش الأداء الإداري للوزارات والهيئات الاتحادية·
ولكن من يتمعن في الأمر بعيداً عن زواياه الإنسانية يجد أن استمرار هؤلاء يوفر كثيراً لخزانة الدولة حيث يقوم عدد كبير منهم بأداء أعمال سواء فنية أو إدارية تفوق من حيث النوعية والكم تلك الأعمال التي يقوم بها موظف يتقاضى 5 أو 6 آلاف درهم شهرياً·
إن التعميم الجديد الذي صدر بحق هؤلاء يرجع إلى لائحة وضعت في العام 1977م تقول إن الموظف (اليومي) لا يجوز له التمتع بالبدل الإضافي إذا تجاوز راتبه 2000 درهم شهرياً، ويبدو أن الذين رجعوا إلى اللائحة المذكورة واستندوا إليها قد أغفلوا حوالي ثلاثين عاماً تفصل بين صدور اللائحة وبيننا اليوم·
إن عقدة بعض البيروقراطيين الذين يفتون في هذه اللوائح أن بعضهم يصدر فتاواه وكأنه يعيش في عالم ثانٍ، وعليه العوض·