رغم الشوط الكبير الذي قطعته أجهزة ودوائر الدولة على طريق الأداء الذكي لا يزال الكثير من المقيمين في تخوم العقلية الإدارية القديمة بين جنبات ومكاتب تلك الجهات يمارسون هوايتهم وعقدهم في التمسك بأساليب لا تواكب ما وصل إليه الأداء الحكومي المتميز، الذي احتفلنا مؤخراً بمرور نحو عقد من إطلاق جوائز تكريم فرسان هذا الميدان الذي لا يعترف سوى بالمبتكرين والمتميزين في خدمة المتعاملين معهم.
تجد عبارة بحروف عريضة على وزن «استوفيت الرسوم» تتصدر معاملة ورقية لا تزال تكافح في زمن مكاتب ومعاملات بلا ورق، بينما يفترض أن دورتها الإلكترونية قد شهدت استيفاء كل رسم يتعلق بها.
إلقاء اللوم على البرنامج الذكي المصمم للتعامل مع طلبات الناس ومعاملاتهم أصبح الهواية المفضلة لتلك النوعية من الموظفين الذين يفترض بهم خدمة المراجعين، خاصة مع خوض الكثير من الجهات سباقاً لخفض أعداد مراجعيهم بعد أن أحالت الإنجاز على «السيستم» وعلى الهواتف المخصصة للرد على الناس، والتي أصبحنا نميز «المجاني» منها و«غير المجاني» دون أن تكلف نفسها عناء مراجعة تلك التعديلات في أعمالها وما إذا كانت قد حققت الهدف المرجو منها من عدمه.
الكثير من تلك الأرقام لا تجد من يرد الاتصال عليها بحجة الضغط وكثرة المتصلين، وهو مبرر غير مقبول، حاله حال الجهات التي تنهار مواقعها أمام حجم الداخلين للموقع ولا تجد ما تبرر به الانهيار سوى ضغط الدخول. لتقدم لنا درساً مجانياً في قصور الاستعداد للتعامل مع ذروة الإقبال على الموقع عند الإعلان عن نتائج أو برامج جديدة مع عدم وجود نظام دعم.
قبل يومين، كنت أستمع لشكوى مواطن من «اتصالات» التي تسببت في عرقلة إنجاز بناء منزله في العين بسبب اشتراط إنجاز نظام «حصنتك»، وعلى طريقة المضحكات المبكيات قيل له إن تأخير المعاملة بسبب سداد الرسم المقرر لها على الرغم من سداده للمطلوب إلكترونياً. روى للبث المباشر كيف اضطر للذهاب إلى مقر المؤسسة ليجد مكاتب القسم المعني بالأمر خالية بما يعنيه ذلك من هدر للوقت والجهد، خاصة أنه -كما قال- موظف يستأذن من جهة عمله لإنجاز المعاملة المعلقة في «السيستم».
الأداء الذكي ليس فقط أجهزة وبرنامجاً إلكترونياً، وإنما روح وحرص ليس فقط على خدمة الناس بل إسعادهم.