لكل شيء بداية ونهاية. افرح بالبداية، ولا تتعلق بالنهاية. إنها تخلبك، وتسلبك، وتأخذك إلى منطقة سوداء، وتدخلك في الغرف المغلقة. التعلق بالنهاية، يفرغك منك، ويضمك إلى فريق العدمية، وهناك يخلي سبيلك، لتصبح أنت الخاوي، عند هوامش الفقدان.
النهاية تعلقك على مشجب النحيب، والنعيب، وصبيب الأشجان المهلكة، النهاية تسبيك وتخفيك، وتنهيك، وتلغيك، وتقصيك، وتقسمك إلى نصفين، أحدهما غامض، والآخر وامض بألسنة النار.
النهاية تجعلك مثل ذبابة في فنجان بحثالة سامة، تلعقها، حتى تموت وجداً في فراغات مأساتك وجفولك، وقنوطك، وسخطك، ويقظة اليأس في ثناياك. كن في البداية ولا تهرب من تفاصيلها، ولكن لا تكن في النهاية وتغرق في تلافيفها.
عندما يتبوأ موظف منصباً معتبراً، يشعر بأن أجنحته قد تعملقت، وأن منقاره قد طال، فتغمره السعادة ويمتلك طاقة الضواري في تسلق الأشجار العملاقة، ويظل هكذا مترسباً في بداية الفرح يظل هكذا منكباً على فرحة تبدو مثل اللحاف الثقيل الذي يغطي كامل الجسد ولا يبين منه حتى أخمص القدم، ولكن هذه البداية لا تدوم، كما أن الزمن متحرك مثل عجلة عربة تستدير إلى الأمام، وما إن تتوقف العجلة حتى تقع العربة.
هذا الموظف شط، وحط، ومط بوزاً امتد حتى آخر النفق، وعند وصوله هناك شعر أن الخيط الذي كان يربطه بالفرح قد مزقه هول، وفرقه عويل، فبدأ هذا الموظف مثل متسلق الجبال في الهيمالايا، لأول زلة وقعت قدماه، وصار في الحضيض.
ماذا سيفعل المتسلق المتعلق بالبداية إنه سيتكسر، وينحدر ويصبح ما بين النار والثلج، يصبح في عظم المأساة، عندما يتمسك بالبداية، ولا يقبل بالنهاية، إنه يذهب في عكس التيار، فيتعب، إنه يقف في وجه العاصفة فيسغب، إنه لا يملك غير ذاكرة البداية التي أصبحت في طي النسيان.
هذا الموظف، عاشق أناني لا يعترف بالزمن، ولا يكترث بتداعي مفاصل التاريخ، إنه يريد أن يستولي على الزمان والمكان، مما يجعله ينكب بكارثة النكوص التاريخية التي تأخذ ولا تعطي، والتي تسلب ولا تجلب، والتي تنكب ولا تحلب، والتي تحيل الحياة في عيني كل متعلق بالبداية مثل قصاصات ورقية، أتلفها طفل صغير، وظن أنها طائرات تحمل ألعاب الفرح.
نحن نتعلق لأننا نشعر بعقدة النقص لو تخلينا عن ما كنا نتعلق به. نحن نتعلق لأننا أنانيون إلى درجة العبثية. نحن نتعلق لأننا نقع في خداع الديمومة، مما يجعلنا دائماً عند نقطة الصفر، في المنطقة المتجمدة.