المحترم تيجالي
كلهم محترمون طبعاً، لكن في الكرة هناك من يراوغ ومن يناور، ومن يبحث عن كبش يفدي نفسه به، وأولئك كثيرون.. ليسوا من عينة تيجالي لاعب الوحدة الفذ والمحترم، والذي سار بتصريحاته عقب «ديربي» فريقه مع الجزيرة، على غير ما يسير السائرون.. تحمل المسؤولية ووصف نفسه بالرعونة والتسرع، وأشاد بزملائه، فقال عن الصاعد سهيل المنصوري إنه نجح فيما فشل هو فيه، وأشاد بـ «فالدي» وبالمدرب.. ببساطة تحمل كل شيء، ولا أحد يتحمل اليوم.
لا يمكن أن ينسي ذلك جماهير الوحدة ما كان من لاعبهم الذي اعتادوه منذ أن جاء إلى «قلعة العنابي» من ثلاثة مواسم، يفتتح مهرجان الأهداف ويصر عليه، فيما هو صائم هذه الأيام لمباراتين متتاليتين في عادة غريبة لا تليق بتيجالي، والأندية بالطبع لا تتعاقد مع لاعبيها لحسن الخلق فقط، ولكن لا أحد ينكر قيمة تيجالي الفنية كلاعب كبير، حصل على لقب هداف الدوري الموسم الماضي، وأحرز 68 هدفاً مع فريقه في 73 مباراة، ما يجعله أقرب إلى هدف في كل مباراة، ومن هذا المنطق، فإن تصريح تيجالي، يكمل الصورة الرائعة للاعب محترم.. ندرك قيمته الفنية، واليوم تعززت بتلك الكلمات الواقعية، وهذا الاعتراف الممزوج بالاعتذار والرغبة في التصحيح.
كان من المفترض أن يكون هذا التصريح عادياً، لو أننا اعتدنا ذلك النهج، سواء من اللاعبين أو من المدربين، ولكن ما يحدث على الدوام عكس ذلك، فكل يلقي باللائمة على غيره، ويبحث عن شماعة يعلق عليها أوزاره، فالمدرب يلوم اللاعبين والحكم، واللاعبون يلومون الحر والأرض والحكم أيضاً والإصابات، وإنْ لم يجد هذا ولا أولئك مبرراً، فلا شيء كالحظ.. هو لا يرد ولا يدافع عن نفسه.. وحتى إنْ تحمل المدرب يوماً المسؤولية، فإنما يقولها على طريقة بيانات الزعماء في الحروب، قاصداً أن ذلك لا يعني بالضرورة أنه السبب، وإنما يتحملها لأنه الأكبر والأهم.
غضب الجماهير لا قبل لأحد به، لكن تصريحاً كالذي قاله تيجالي، يقلب «القلوب» رأساً على عقب، فلا شيء أسهل أيضاً من إرضاء الجماهير التي تحتاج فقط لكلام من القلب ومشاعر صادقة، مثل التي أطلقها تيجالي ورغبة حقيقية في تصحيح الصورة، وهو ما أكده اللاعب الأرجنتيني الذي اعترف بأن خسارة أربع نقاط أمر لا يليق بالوحدة، كما أكد قدرة الفريق على التعويض، وقدرته شخصياً على العودة ومصالحة الجماهير.
أحياناً، قد يكون ذكاء من اللاعب، أن يعرف متى يتخلى عن مكابرته وعناده، وكيف يداعب الجماهير ويستعيدها، وهذا أيضاً لا بأس به، لأن تكراره على الدوام غير ممكن، ولأن لحظات الصدق نادرة، وأعتقد أن تيجالي كان صادقاً في اعترافه، والأهم كما يبدو من كلماته، أنه كان اعترافاً لنفسه، ووقفة معها، وهذا في مصلحة الوحدة.
?كلمة أخيرة:
??وحده الصدق يربح دائماً.. سلعة الصادقين لا مجال فيها للخسارة.