يجب ألا تمر كلمات رئيس الاتحاد التعاوني الاستهلاكي التي صرح بها أمس لـ الاتحاد مرور الكرام، وعلى وزارة مثل الاقتصاد أن تقف أمام ما طرحه الرجل من تحذيرات بشأن فوضى ارتفاع الأسعار وقد يكون الأمر في حاجة إلى تدخل وزارات وجهات أخرى على الخط فالقضية ليست هينة والأمر لا يتعلق بشخص أو شخصين بل يتعلق بمجتمع وفي مسألة تمس الجميع الاغنياء والفقراء ألا وهي انفلات الأسعار·
وبحسب رئيس الاتحاد التعاوني الاستهلاكي فإن حالة التراخي التي تتعامل بها بعض الجهات الرسمية مع فوضى ارتفاع الأسعار جعل الأمر يتحول إلى موضة إذ بامكان كل تاجر أن يرفع سعر السلعة سواء أكان في حاجة إلى زيادة السعر أم لا فقد وصل التراخي مداه خاصة عندما نشطت وزارة مثل الاقتصاد وضغطت على الجمعيات التعاونية باعتبارها الحلقة الأضعف في المعادلة وهددت وتوعدت هذه الجمعيات بحرمانها من الميراث على طريقة الافلام العربية، ولعل من يرجع إلى خطاب الوعيد الذي تلته الاقتصاد على مسامع الحضور من رؤساء الجمعيات التعاونية والاتحاد التعاوني الاستهلاكي قبل شهور وإثر اجتماعهم المشهور في دبي يدرك حجم الأزمة فقد عقد الاجتماع وانفض دون التوصل إلى شيء·
وفي الوقت الذي كانت تهدد فيه الاقتصاد وتتوعد الجمعيات والاتحاد التعاوني الاستهلاكي كان هوامير الموردين من محتكري السكر، والطحين، والعيش، والزيت، والصابون، وحليب الأطفال، وغيرهم يرفعون الأسعار في جنح الظلام دون خوف من مساءلة أو رهبة من قانون، عبثاً حاولت الجمعيات أن تصنع من موضوع فوضى الأسعار قضية رأي عام وبالفعل تدخلت كتائب الإعلام ونزلت الصحف والبث المباشر حتى القاع وهات يا كلام، شكاوى من كل حدب وصوب من خطورة زيادة الأسعار وبدلاً من تحول الاهتمام الشعبي بالقضية إلى نموذج من القرارات والمشاريع القابلة للتنفيذ فوجئنا بأن المعركة تتجه إلى هدف آخر وهو تصفية الجمعيات التعاونية بزعم رفع الأسعار·
مسؤولو الجمعيات التعاونية يرون أنفسهم الحلقة الأضعف في دورة الانتاج ويؤكدون أنهم حاولوا الاستيراد من الخارج ففشلت جهودهم فأصحاب الوكالات الدولية لا يؤمنون الا بالبيع من قبل الوكيل المحلي أو الاقليمي فالشاي له وكيل، والينسون له وكيل، والقهوة لها وكيل، وبدلاً من أن تساعد الاقتصاد الجمعيات في الاستيراد المباشر فوجئنا بها تهدد الجمعيات وتتوعدها بإعادة الهيكلة دون تحويل المعركة إلى ساحة الموردين وهوامير السوق من التجار·
لم تكد نيران أسعار الحليب ومشتقاته التي رفعت مؤخراً تهدأ حتى فوجئ الاتحاد التعاوني الاستهلاكي بقائمة جديدة تضم 18 مورداً يرفعون أسعارهم هكذا وفي غمرة الموضة ينضم هؤلاء إلى الركب، الاتحاد التعاوني استنجد بوزارة الاقتصاد، ووزارة الاقتصاد تحركت كعادتها واستدعت خمسة من الموردين وسألتهم السؤال الشهير: يالربع ليش تزيدون الأسعار، يالربع ما يصير حرام عليكم، دخيلكم لا ترفعوا الأسعار ، أما الاجابة من جانب السادة الموردين ملهبي ظهور المستهلكين فكانت كالتالي: ليش أنتو مو في العالم كل شيء يرتفع من حولنا النفط، والغاز، والحنطة، واللومي، وحتى الصخام! ·
وبالطبع فإن حواراً كهذا الحوار وأسئلة من هذه النوعية واجابة مثل تلك تستدعي منا الضراعة إلى الله وترديد دعائنا التقليدي عليه العوض ومنه العوض·