بغض النظر عن نتيجة المباراة الافتتاحية لنهائيات كأس العالم التي انطلقت أمس في روسيا بين الدولة المستضيفة ومنتخب السعودية الذي مثل العرب للمرة الأولى في تاريخهم في المباراة الافتتاحية، أقول بغض النظر عن النتيجة، إلا أن المكاسب الأخرى أكبر من أن تحصيها مقالة واحدة. فالوصول إلى كأس العالم بحد ذاته فرحة جماهيرية، ولا ننسى أن دولاً مثل إيطاليا وهولندا فشلت في الوصول لهذه النهائيات، وسبق أن كنت أعيش في إنجلترا، وتابعت الفرحة الهستيرية بالتأهل لنهائيات فرنسا 1998، وشاهدت الحالة الوطنية المذهلة خلال التصفيات، وكيف كانت أعلام إنجلترا التي اخترعت اللعبة على كل منزل وشرفة وسيارة. واللعب في الافتتاح ميزة دعائية للبلد، ونحن نعرف مثلاً البرازيل من كرة القدم، تماماً مثلما نعرف أوروجواي هذا البلد الصغير والقليل السكان، والذي استضاف أول كؤوس العالم عام 1930، وفاز بها ثم هزم البرازيل في عقر دارها عام 1950 وسط ذهول العالم كله.. فكرة القدم بشكل خاص والرياضة بشكل عام تعتبر مصدراً معرفياً ودعائياً وإعلانياً للبلد، وهو ما فعله «الصقور الخضر» في روسيا. كما أن اللعب بوجود معظم قادة العالم وزعمائه ومسؤوليه، وفي مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي كان ضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو شرف لأي منتخب، فما بالك بمنتخب عربي ترفرف أعلامه عالية أمام أعين أكثر من ملياري نسمة تابعت حفل الافتتاح والمباراة الافتتاحية. بالطبع الكل يريد الفوز، والكل يبحث عن التميز، ولكن بقناعتي، فإن مشاركات معظم الدول «غير القوى العظمى منها» في كؤوس العالم تأتي ضمن تقديم الأداء الأفضل، وليس البحث عن اللقب الذي انحصر خلال 84 سنة بثماني دول فقط هي البرازيل الفائزة 5 مرات وألمانيا وإيطاليا 4 مرات والأرجنتين وأوروجواي مرتين، وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا مرة واحدة.. لذلك فإن الأداء المشرف والقوي وترك البصمة هو ما نبحث عنه لكل المنتخبات العربية المشاركة، ولهذا ما زلنا نتذكر فوز الجزائر الرائع على ألمانيا في إسبانيا 1982، فيما كان المغرب أول منتخب عربي يتصدر مجموعته في نهائيات كؤوس العالم، متقدماً على إنجلترا والبرتغال وبولندا في المكسيك 1986، أما أول فوز عربي في النهائيات، فكان لتونس على المكسيك عام 1978، لتكون صيحة العرب الأولى، فيما قدم المنتخب السعودي كرة للتاريخ والذكرى في مونديال أميركا 1994، وتأهل للدور الثاني في أولى مشاركاته، وهذه هي الذكريات العالقة في أذهاننا للمشاركات العربية التي شهدت تأهل العراق والكويت ومصر والإمارات أيضاً، ولكن دون بصمات تذكر لها جميعاً. لهذا أتحدث عن البصمة أكثر مما أتحدث عن التتويج بألقاب أو تحقيق الإنجازات في بطولة مثل كأس العالم.