هل أنت نائمة..أم أنت ما بين من يهفو إلى نوم، ومن يستغرقه الصحو.
فإذا نداء من عمق حلمك يوقظك: (إذا اتكأت على الحنين ضاعت خطاك في وحشة الصحراء، فلا الأحلام صلابة وتحققا، وما الصحراء إلا هشاشة الرمل).
فصحوت من غفوة أو غفلة، ونهضت تبحثين عن اليقين الذي ظننت أنه سيرشدك إلى ما تبتغين. لكنك في كل ما اشتقت إليه وتمنيته وحلمت به، لم تعثري إلا على الشك الذي لن يعصمك من غفلة الأحلام ومن وهم الأماني والظنون. فكل سنين عمرك ترمدت وتبعثرت في خطوك المشبوب بالتوق إلى جمر ليشعلك. هل ضعت على طرق الأوهام لغفلتك، أم انك تهت، فلم تعثري إلا على غفلة الأحلام التي تأسرك. هل أنت من يرشدك إليك، أم أنها الطرق التي رُسمت قبل خطاك توقظك، فلا نوم سخي يغط بك، ولا صحو مضيء ينيرك. ما بين دربين تمضي بك الأيام، فلا أنت حضور ساطع يشعشعك، ولا أنت شبح يبين ويختفي، حتى تظني حضورك وغيابك. تقولين هذا الدرب والشعر مقودك، فيسخر الدرب من قولك. تقولين ذاك، فلا ترين إلا السراب الذي يخون ظنك ويخادعك. وإلا الظلام الذي يلف خطوك ورؤياك. فبأي زيت تشعلين قنديلك، لكي تري في العتمة من يبصرك؟. ومن أين لك الجمر الذي يعصى على الريح ليدفئ بردك؟. وأي جوهرة أنت أضاعوا، ولن يعثروا إلا على وصايا ترابك!
بدائية أنت في الشغف الخفي. بدائية في نسج أحلامك. بدائية في نقش خيالاتك، وفي توقك للمحبة والسلام. بدائية أنت في كل ما تشتهي روحك، وفي خطواتك، وفي عثراتك، وفي صحوك وفي سهوك. بدائية كأنك لم تجمعي العمر في سلة الحبر، ولم تقطفي دراً من شهوة الشعر، ولم تنتقي إلا فرساً عصياً، فلا اللجام يرشد خطوه في المتاه إلى ما تبتغين. فأين الطريق لتكوني ما شئتِ؟ وما شاؤوا لك ليس إلا غواية كالركام الذي خلفته العواصف. أرأيتِ كيف تذهبين إلى البعيد في خيال بلا نقوش تقرئين مسارها، ولا دليل ليرشدك إليك؟ أرأيت كيف الظنون تخونك، ويخونك الحدس الخفي، وتخونك الرؤيا!
كم أنك حيرى، يمضك قلق لئيم يبعثر أيامك وأحلامك ويطفئ روحك المبدعة، ويستل من لحظات عمرك ما ترتجيه النفس في كل لحظة، وما يشفُّ به الخيال الخصب الذي يمر كالبرق ليضيئك ويضيء ما حولك ومن يرتجي الجواب على سؤال الوجود الذي أضحى بلا جواب. فلا تسألي بعد، لماذا ينام الليل فوق سرير السماء، وأنت لا سرير يحضن غفوتك، ولا شعاع النهار يحنُّ على يقظتك؟!