مستشفى صقر، زرته قبل عام ونصف العام تقريباً، وكان هذا المستشفى أشبه ببيت تهالك كعظام رجل بلغ من العمر عتيا .. وبالأمس الفائت زرت هذا المستشفى ورأيت ما يشبه الحلم، فقد تغير المستشفى، كما تغيرت بعض الوجوه وبعض الملامح، وبعض الجدران، وبعض الألوان، فتفاءلت خيراً، وما خبأته من أحزان وأشجان، ولكن .. وهذه «اللكن» تبدو لي أضخم من حجم المستشفى.. القصة التي أريد أن تصل إلى أسماع وزارة الصحة، قبل إدارة مستشفى صقر، هي أن رجلاً من أبناء هذا الوطن، شعر بوعكة صحية بسيطة «كحة وزكام» فذهب إلى المستشفى، ليأخذ العلاج السريع ويعود إلى بيته متحرراً من متاعب هذا المرض المزعج، ولكن لسوء حظ المسكين، أنه قوبل بحالة استنفار تام، وأعلنت الممرضات قبل الأطباء حالة الطوارئ، وأدخل الرجل فوراً إلى غرفة التطبيب، ليعطى حقنة كانت القاضية، التي أدخلته في غيبوبة لم يصحُ بعدها إلا بقدرة قادر.
نكمل القصة، الطبيب المعالج لم يكذب خبراً ولم يمهل نفسه لأجل التفكير، بل اتخذ قراره الفوري، وأعلن أن الرجل مصاب بمرض انفلونزا الخنازير، ولا بد أن يعطى الحقنة اللازمة، كمضاد أولي، هذا المضاد الذي كان خاتمة العلاقة بين المريض ووعيه، غاب الرجل عن الوعي، وكان أهله من حوله قد أدركهم الرعب، وهم يرون رب أسرتهم، مُسجى على سرير بلا حراك، والأطباء يحيطون من حوله، على اعتبار أنه مصاب بهذا المرض اللعين، ولم يجد ابنه من حيلة غير أنه يبحث عن حل إخراج أبيه من هذا المكان، والذهاب به إلى مستشفى آخر، عسى ولعل أن تنتهي الأزمة على خير، ولكن الأطباء حذَّروا الابن وحمَّلوه مسؤولية إخراج المريض من المستشفى لأن حالته خطيرة، ولكن الابن البار، أطال الله عمره، أصرّ على إنقاذ والده، وانتابته الحيرة إلى من يستغيث، وبمن يتصل، فإدارة المستشفى عمّمت على المريض لدى كل المستشفيات، بأن الحالة خطيرة والمرض معدٍ، ولا مجال لنقله .. حتى اهتدى الابن إلى رقم هاتف بمن لهم اليد في الفضيلة، والعمل النبيل، وبالفعل تم الاتصال بمستشفى راشد، وهناك تغيرت الحال، لأن الأوامر جاءت حاسمة وحازمة، ولا تحتمل المراوغة، فأدخل الرجل وأخذ العلاج اللازم، والآن بحمد الله وفضله يرفل الرجل بالصحة والعافية .. وكما قال هو «مستشفى عن مستشفى تفرق»، والطبيب الذي يتقاضى راتباً أقل من راتب خريج ثانوية عامة، يختلف عن آخر راتبه مبلغ وقدره .. والسؤال، متى تستطيع وزارة الصحة حل هذه المعضلة؟.



marafea@emi.ae