فيلم إماراتي شاهدته محلقة بين السماء والأرض، ظننت أنني سأرى الصورة ولن أرى القصة، وربما تكون هناك أشياء مبتورة، تفاجأت بظل البحر يسقط علي خلال رحلة سفر أطول من مدة الفيلم. السينما في بلادي ترسم ملامحها بإصرار، «ظل البحر» يطرح قضايا تعيش في الظل، ويحكي عن الأحلام والإبداع في رسم الصور وانطلاقها. والسينما قصة عشناها وأحببناها بمختلف أبعادها، وأشكالها هي متنفس للمبدع، ومتعة للمشاهد، ومعادلتها مختلفة باختلاف الثقافة والمكان.
كنت ومازلت من محبي بوليوود غير أني تساءلت في إحدى المحاضرات عن استمرار احتفاظ السينما الهندية بالاستعراض والأكشن المبالغ فيه في أفلامها؛ فأجابني أستاذي آنذاك فيلب كاس «هل تعتقدين بأن العامل البسيط الذي يبلغ راتبه 200 روبية سيقصد السينما لمشاهدة واقعه!...السينما وجدت للترفيه عن الافراد (it is entreatment)..وليس لإثقال كاهلهم»، كان ذلك عندنا تحليلنا ودراستنا للفيلم الهندي المرشح للأوسكار وقتها «lagaan» في عام 2001.
اليوم أدرك بأن للسينما معادلة ممكن أن تجعلها صناعة وممكن تحتفظ بها كأيقونة ثقافية، مثل الأفلام التي يشيد بها النقاد ويعزف عنها المشاهدون.
«ظل البحر» يأخذك لمرسى آخر. ترفيه بمعايير مختلفة عميقة ولا يشبه تلك التي نرصدها في الدراما الإماراتية، صورة الفريج ونبض الحياة على ضفاف الخليج، الزمان القريب البعيد، الأفراد قريبين، الأحداث والقوالب، الذات وإيقاعها، المراهقة بمفهومها البسيط حياة تحكي بالصورة والصوت والإيقاع قصصا إنسانية تلامس ظل الأفراد في كل المجتمعات.
صوت الموج وجمالية الصورة واقتضاب الحوار. نظرات وأحلام طفولية وذلك الألم والخوف والهروب خلطة مزجت لتحكي عن «ظل البحر» وصوته الذي يأتي على فترات متباعدة.
السينما حالة يحياها بعض المخرجين ونحيا معهم، حالة تتجسد في الصورة والصوت والحبكة، المشاهد والمقاطع التي يترجمها من قصة أو رواية. كم هي صعبة تلك الأفلام التي تتناول الروايات أو القصص والتي لاقت نجاحا واسعا بين الناس لأنه على المخرج أن يصل لتلك الصور التي رسمها المؤلف أو الكاتب في مخيلة قرائه.
جميلة هذه السينما التي بدأت تبزغ إلى النور، جميلة تلك المبادرات التي تحلق بأحلام الشباب وأمانيهم والأجمل هم الشباب الذين يصنعون عالمهم. نجح نواف الجناحي في خلق حالة من التناغم والتشويق، كما نجح الكثيرون غيره في إبراز ملامح السينما الإماراتية.


ameena.awadh@admedia.ae