اليوم سنة جديدة، عساها سنة خير وسلام ورخاء بين شعوب العالم، سنة نرى فيها نموذجاً جديداً للإنسان الذي استخلفه الله تعالى في الأرض لعمارتها وليس لخرابها وتدمير مواردها الطبيعية، سنة للسلام، يعم فيها السلام وتسود لغة المحبة، ففي النهاية كلنا بشر كلكم لآدم وآدم من تراب ·
في العام الجديد سواء أكان ميلادياً اليوم، أو هجرياً بعد أيام، فإننا نتمنى سنة جديدة بكل ما تحمله الكلمة من معان ودلالات، سنة تختفي فيها الحروب وتنتهي الصراعات، نريد نهاية حقيقية وعادلة للحقوق العربية المسلوبة وخاصة حق الشعب الفلسطيني في الحياة وتقرير مصيره وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، نريد للوئام أن يسود وللمحبة أن تنمو في القلوب، وللكراهية أن تختفي من الصدور، نريدها سنة خير على الجميع مهما اختلفت الديانات وتعددت المذاهب والملل، وتغيرت اللغات واختلفت الألوان والأعراق والأجناس، نريد للبشرية أن تحيا ولو ليوم واحد بدون حروب أو نزاعات أو قلاقل·
من يقرأ الإحصاءات الأخيرة لعام 2005 يشعر بالهلع وتتملكه المرارة، فكيف للإنسان أن يقتل أخاه الإنسان بهذه الوحشية، ودون أن يهتز له جفن، ما الذي حدث لبني آدم؟ والى أين يمضي الإنسان في صراعه ضد أخيه الإنسان، بل ضد نفسه وضد الحياة، ملايين الأطفال ماتوا جوعاً في الوقت الذي مات فيه غيرهم من السمنة والإفراط في تناول الطعام·
للأسف الشديد كلما نتحدث عن الأمل في كل عام جديد يشدنا العام الذي قبله الى مخزون استراتيجي من اليأس والتشاؤم وخاصة عندما نستعرض الخريطة العربية التي تتساقط بعض دولها مثل قطع الفسيفساء، صورة العرب في نهاية السنة مثلها تماماً في بداية السنة، ولا فرق بين سنة ميلادية يرفض المطاوعة الاحتفال بها، وسنة هجرية ينساها المطاوعة وغير المطاوعة، فالأيام كلها عند العرب سواء، السنوات تتكرر وأجندة الهموم تصلح لكل زمان ومكان، فالذي قال إن العرب ظاهرة صوتية لم يبالغ، والذي قال إن زمان العرب ولى، هو الآخر لم يجاف الحقيقة، والذي أجزم بأن العرب يعيشون خارج التاريخ هو الآخر صادق والذي قال أمجاد يا عرب أمجاد هو الوحيد الذي لم يكن على حق، فقد مضت الأمجاد وولى زمانها هي الأخرى، ولم يعد منها سوى بعض أبيات الشعر التي لا يعرف أستاذ اللغة العربية نطقها، بل فهم معانيها·
صورة العرب مؤلمة في عام 2005 والعام الجديد والعام الذي سيأتي بعد العام الجديد والى أن يغير العرب ما بأنفسهم فلن تتغير هذه الصورة، بل للأسف الشديد تزداد سوءاً وقتامة عن سابقتها، لن ينصلح حال العرب إلا إذا شعر المواطن العربي بكرامته في بلاده وانه من تراب هذا الوطن العربي، لن تتغير صورة العرب إلا إذا تغيرت تلك الأساليب التي عفا عليها الزمن والتي تسود فيها الديكتاتوريات وتتبجح بأنها قلاع للديمقراطية وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية، لن ينصلح حال العرب إلا إذا آمن الجميع بقيمة العمل والإنتاج ودور التعليم ورسالته في صناعة البشر، لن تتغير صورة العرب في ظل وجود 70 مليون أمي لا يقرؤون ولا يكتبون ويتعاملون مع الحياة من خلال كراني أو عرضحالجي يسود لهم القراطيس·
حال العرب في العام الجديد وكل عام يجسده مثل جزائري يقول الرقصات في الرأس كثيرة لكن الرجول ما تشيل فالأفكار ومشاريع النهوض كثيرة ولكن لا توجد قواعد للتنفيذ والانطلاق نحو الأهداف لأن الأهداف هي الأخرى غير موجودة·· وعليه العوض·