من خلال الاتصال المباشر بهم والاطلاع على العديد من نتاجاتهم الابداعية، فإن شبابنا يمتلكون طاقات إبداعية حقيقية لم تكتشف بعد، ويجب أن تكتشف وتخرج إلى النور، وهذه مسؤوليتنا جميعاً، مسؤولية المثقف، والمسؤولين عن الإعلام والمؤسسات الثقافية، وليس صحيحاً ما يتردد على ألسنة وبأقلام البعض من أن شباب الإمارات تافهون، مدللون، لا يقرؤون، ولا يهتمون بالأمور الجادة وبالقضايا السياسية وغيرها، وحتى إن وجد أمثال هؤلاء، فإن التعميم خطيئة يدفع المجتمع ثمنها، فقد استمعت إلى حوارات في غاية العمق والتخصص في مجالات الآداب والموسيقى والفلسفة والسياسة، وأيقنت بعدها أننا مقصرون تجاههم فعلاً. لا ندعي أن وجوهاً وأسماء جديدة لم تظهر على الساحة الأدبية خلال السنوات الماضية، لكننا متيقنون من أننا نمتلك خزيناً يوازي أضعاف هؤلاء الذين أسهمت ظروف جيدة في إبرازهم إلى الحيز الاجتماعي العام، وأول ما يجب أن نلتفت إليه هم جيل الكتاب والصحفيين، فنحن بحاجة لتحريك دورة الحياة في شرايين الصحافة الإماراتية بشباب يتحدثون عن يومنا ويومهم، وعن غدهم ومستقبل الإمارات بأقلام فتية وأرواح تواقة ومتناغمة مع العصر. في دعوتنا هذه لا نهضم حق الأجيال السابقة من مبدعي الإمارات، ولا نتخلى عن أهل التاريخ والخبرة، لكننا بحاجة إلى شباب يطرحون قضاياهم بمنطقهم ورؤاهم الخاصة، بدل أن نستمر نحن في الحديث عنهم وكأنهم غير موجودين. لا يجوز أن نلغيهم فلا نذهب للبحث عن طاقاتهم الخلاقة، ولا يجوز إقصاؤهم من الفضاء العام، فهذا زمن الإعلام التشاركي، والمسؤولية المشتركة تحتم أن نتحدث معاً لا أن يتحدث بعضنا نيابة عن بعض. لدي أحساس طاغ بالأمل في الغد، هذا الإحساس يجعلني أتوقع أنه سينضم إلى الصحافة الإماراتية، وإلى القنوات التلفزيونية والإذاعية وإلى المؤسسات الثقافية بشكل عام، عدد من المبدعين الشباب ممن يمتلكون أبجديات الإبداع والطاقة والموهبة، وما علينا سوى أن نمنحهم الثقة أولاً، والتوجيه ثانياً ثم ندعهم يوجهون أشرعتهم صوب الميناء الذي يجدون فيه ضالتهم، شرط أن لا تجرفهم الدوامات في لجج البحور العاتية هذه الأيام. علينا أن نستوعب حداثة تجاربهم لكن لا يجب أن نصادر حقهم في التجربة والخطأ، طالما ظل الخطأ في مناطق التحكم، أما الذين يصادرون عليهم حق الشباب في التجربة والخطأ، يفترض أنهم حين يستقبلون شباباً في مؤسساتهم فلابد أن يكون هؤلاء قد حازوا جوائز الجودة العالمية كأي منتج أو بضاعة أخرى، هؤلاء عليهم مراجعة خططهم وأن يقرؤوا الواقع بعين الحكمة والحرص لا أكثر. ذات يوم، قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كلمة حق تذكر “ليست المصانع هي من يبني الرجال، الرجال هم الذين يبنون المصانع” وحتما يبنون المستقبل لهذه المصانع، والرجال لا تعني الجنس بقدر ما تعني مطلق الإيمان بإنسان الإمارات رجلاً كان أو امرأة. الشباب ليسوا علب سردين أو منتجات حليب لابد أن تتسلمهم المؤسسات صالحين للاستخدام الفوري، إنهم المورد الأصعب في عملية التنمية، لأنهم متغير خطير قابل للتطور ومن ثم إحداث التغيير في المجتمع، شريطة أن نمنحهم الفرصة وأن نؤهلهم للقيام بدورهم. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com