عندما نضع حبة سكر في ماء مالح، فإنها بالتأكيد سوف تختفي ولن يكون لها أثر؛ وعند وضع غزالة بين الضباع فبالتأكيد لن يبقى منها حتى الدم·· هذا شيء من قوانين الطبيعة، وهي القوانين التي يمكن أن نستعير منها العبر في حياتنا· في هذا العمود، سبق وأن أعلنت خوفي على مصير مسابقة أفلام من الإمارات بعد الإعلان عن إقامة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي، لكن تلاشى هذا الخوف عندما أعلنت هيئة الثقافة والتراث بابوظبي أن مسابقة أفلام من الإمارات لن تتوقف وأنها مستمرة وسوف تكون مصاحبة لفعاليات مهرجان الشرق الأوسط الذي يستقبل أفلاما من كل أطراف الأرض؛ وبعيدا عن الخوض في تفاصيل هذا المهرجان، نقف فقط عند هذه الطفلة الصغيرة، ذات الثمانية أعوام والتي ولدت في المجمع الثقافي بأبوظبي·· هذه المسابقة التي دخلت ضمن الفعاليات المصاحبة لمهرجان الشرق الأوسط، أرى ومن خلال متابعة الصحف اليومية التي اعتنت بالمهرجان طوال فعالياته، بأن هذه المسابقة قد ذابت مثل حبة السكر في محيط، حيث سلطت كل الأضواء على المهرجان وغابت أو شبه غابت مسابقة أفلام من الإمارات من الحدث، حتى أننا لم نعرف شيئا عن بدء انطلاق فعاليات المسابقة وعروض المشاريع السينمائية المحلية إلا ساعة كتابة هذه السطور، أي بعد مرور أربعة أيام من انطلاقها وبشكل عابر، وعلمنا من بعض الزملاء المكلفين بتغطية الحدث أنهم لم يحصلوا حتى على مواعيد عروض مسابقة أفلام من الإمارات، برغم مرور أربعة أيام من انطلاق فعاليات المهرجان· إن هذا أمر يعيد الخوف على هذه المسابقة، خاصة إذا ذوبت داخل مسابقة مهرجان الشرق الأوسط في دوراته القادمة؛ نحن مع الانفتاح على العالم ومع التواصل معه ثقافيا إلى أقصى حد، ولكن ليس إلى حد طمس تجاربنا الإبداعية من أجل عيون الآخر، نحن مع تجارب كبيرة تطل علينا من العالم، ولكن مقابل ذلك علينا أن نقول نحن أيضا بحجم وبقدر العالم، بقدر وبحجم الآخر الذي يأتي إلينا، وذلك من خلال التأكيد على تجاربنا الإبداعية وإبرازها كي تكون في مقدمة الصف وليس في ذيله، من المهم أن يكون مبدعونا في كل حقل من حقول الإبداع حاضرين وبقوة ومن أجلهم أولا نعمل وبهم نتباهى وليس بغيرهم· ولنكن منصفين، فبما أن التجربة السينمائية المحلية لم تنضج بعد، نرى من المهم عدم الزج بها في هذه الاحتفالية الدعائية الكبيرة، وأن تكون مناسبتها مختلفة ومتباعدة عن موعد مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي وأن يجانب ذلك دعم كبير ومتواصل لها ماليا وإداريا وفنيا، وأن يفتح لها مساحة كبيرة في وسائل الإعلام، ولا بأس أن يُدعى متخصصون يشهد لهم بالجدية الإبداعية في العالم كي يشاركو في التقييم والتوجيه، إلى أن نصل إلى ما نطمح ونرغب من وجود سينما محلية بالمستويات العالمية، ولكنها تشبهنا، تلامس قضايانا وهمومنا اليومية والتاريخية والمستقبلة· saadjumah@hotmail.com