جائزة الدولة!
تعد جائزة الدولة التقديرية التي تمنح للمبدعين في مجال الفنون والعلوم والآداب وغيرها من أرفع الجوائز في دول العالم، وهي جوائز خاصة بأبناء الدولة المبدعين في مجالاتهم المختلفة، وفي بعض الدول تتبع الجائزة أمور تكميلية أخرى في الحياة، بحيث يحظى الفائز بها بكثير من الامتيازات، شأنها في ذلك شأن أوسمة الشرف، ما عدا الإمارات، كل الجوائز أثمن مالياً من جائزة الدولة بأضعاف، كجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة العويس، وجوائز مؤسسة دبي لشخصية العام، وجائزة تحفيظ القرآن، وغيرها!
ولا أدري ما السبب، هل ما زالت الوزارات الاتحادية خارج حسابات السوق، وما يجري في العالم من تغييرات وتبدلات، أم بالضرورة أن تكون الوزارة الاتحادية دائماً أقل في عطائها من الدائرة المحلية، فكرة الجائزة وإشهارها بحد ذاته تعد إنجازاً يحسب لوزارة الثقافة، لكن لماذا حين نصل للمبدعين والكتّاب والمثقفين نعاملهم بالكيل والميزان، وننقصهم أشياءهم؟ ماذا تعني 200 ألف درهم لمبدع ظل طوال سنوات عمره يحرق أصابعه بالحبر واللون والنغم، يمثل دولته، ويعطيها بما يقدر عليه من أجل المجتمع والناس؟ سيقول الكثير، جائزة الدولة هي تقديرية، ولها بعد معنوي، وأقول إن المبدعين هم من اخترع المعنوي، ولا أحد أكثر منهم ينال من هذا التقدير المعنوي طوال حياته، فالمفترض أن تكون جائزة الدولة سخية مالياً ومعنوياً، وتناسب الوقت، وتناسب البلد الذي تمنح فيه، فالمقارنة بين جائزة عندنا وجوائز الدولة في مصر الأربعة: جوائز مبارك وعددها ثلاث، وقيمة كل منها 400 ألف جنيه، جوائز الدولة التقديرية وعددها 10، وقيمة كل منها200 ألف جنيه، جوائز الدولة للتفوق وعددها سبع، قيمة كل منها 100 ألف جنيه، جوائز الدولة التشجيعية وعددها 32 وتبلغ قيمة كل واحدة 50 ألف جنيه، هنا تبدو المقارنة مجحفة في حق 4 جوائز لمبدعين سنوياً من الإمارات!
لو سألت “بو حمد” و”بوحمد” هنا ليس وزير الثقافة، فهو رجل ثقافة وأدب، وهو من أدرك حرفة الأدب، لا هي من أدركته، والفارق بين المصطلحين حين يترجم بالأرقام يعني الكثير، ولكن أتشاور مع “بو حمد” وهو الكاتب والمبدع إبراهيم مبارك الذي يعد من المثابرين والمجالدين في الساحة الثقافية والأدبية، ويستحق الجائزة قبل الجميع، وأقول له 200 ألف درهم، هل يمكن أن “تزوج حمد” هالأيام؟ أو يمكن أن تبني “مقلط أو غرفة بقطيعة في حوي البيت” للأولاد الذين كبروا هكذا بسرعة؟ ماذا يمكن أن تعطي لشيخوختنا من مباهج، ورحلات مؤجلة، أو تعيننا على تدبر أمر الحياة والكتابة حين ترتجف اليد، وينطفئ شيءٌ من البصر؟!