الاعتزاز بالوطن، قيمة حضارية، ترتقي إلى مستوى الشموخ الذي يحققه الوطن، من مجد ورفعة، ونهوض بإمكانيات وطاقات وقدرات الشعب الذي يقطن أرضه، ويمشي على ترابه، ويتهجى حروف اسمه، عند تضاريس الذاكرة.. وما الحملة للتعريف بتاريخ وآثار الوطن إلا شيء من هذا الوعي، وبعض من سعي الإنسان، لترسيخ الهوية الوطنية، وتجذير معالمها، وقواسمها في نفوس من يهمهم شأن الوطن، وهويته وقدرته على الحفاظ على مكانته كوطن لا يقبل التشويش أو التشويه أو الإخلال بنظمه الأخلاقية، والعقائدية، والفكرية، وعاداته وتقاليده.. نحن بحاجة إلى حملات، وإلى قوافل ثقافية، وإلى أسراب طيور الخير، وإلى عيون، تتسع مساحة الوطن وتضاريسه، وتاريخه وتراثه، وأمنيات وآمال، من وضعوا الحلم، عند مقلة العين، ولب الفؤاد، وقامة الجبال، وقيمة الصحراء.
نحن بحاجة إلى هذه الهبة، الحضارية الراقية، لحفظ الود، والاعتراف بالجميل، والإيمان بالعرفان، لوطن حاصرنا دوماً بالعطاء، واستولى علينا دوماً بالحب، واحتل قلوبنا دوماً، بالدفء والحنان.. نحن بحاجة إلى أن نكتب عن هذا الوطن، وأن نصور وأن نؤرخ، وأن نمعن جيداً، بما قدمه الأولون من أبناء هذا الوطن، وما جاهدوا واجتهدوا، من أجله وما طوقوا به الوطن من آلاء الانتماء، والاحتواء والاكتواء، ورغم ما مرت به ظروف الوطن من صروف، ومحن، إلا أن الأرض الطيبة، ظلت والإنسان توأماً، يلتئم وينسجم، يسيران معاً باتجاه واحد، وبنفس القوة وهما متساويان متوازيان، محتدمان بالتضحية، لأجل البقاء وتأكيد الوجود.
نحن بحاجة إلى تفجير طاقات أبنائنا الإبداعية، وإلى تحفيز قدراتهم ولفت أنظارهم، دوماً إلى ما قدمه، ويقدمه الوطن لأجل أن يسعد الإنسان، وترقى همته، وتتسع دائرة أحلامه، وتكبر موجات هيامه بالنجاح والتفوق والتميز، وبتبوؤ المراكز الأولى في كل مجال، ومآل. نحن بحاجة لأن نقوي هذا الوازع الأخلاقي في نفوس الأبناء، لنحمي وطننا من أي غش في العقيدة الوطنية، أو أي وحش ضارٍ، وغادر مخاتل.. نحن بحاجة لأن نكون مع التاريخ المجيد، من أجل مستقبل عتيد، ومن أجل إنسان محب للوطن، متسق مع الآخر.



علي أبو الريش | marafea@emi.ae