هي حالة من تأمل أحوال البشر قبل أن تكون حالة لتأمل كرة القدم. كم تساوي لحظة من اليأس.. أو لحظة من الحزن العميق؟ ماذا تنفع الأموال وماذا تنفع الشهرة عندما تشعر بالإحباط الشديد؟! أخصائي اللياقة البدنية للمنتخب الأرجنتيني تحدث لرجال الصحافة بعد مغادرة منتخب بلاده المهزوم من ألمانيا بالأربعة والذاهب للأرجنتين بخفي حنين.. الرجل كان يتحدث بأسى وهو يصف حالة اللاعبين بعد الهزيمة من ألمانيا، قال: “سأتذكر هذه المجموعة من اللاعبين الشبان الذين يجنون ملايين الدولارات ويتمتعون بشهرة عالمية، وكيف كانوا يبكون بعد المباراة داخل الغرفة التي تحولت إلى بحر من الدموع.. لم يكن ميسي وحده في حالة يأس، بل كان الجميع”، وأضاف الرجل في وصف حالة مارادونا: “مات مارادونا، لكن دييجو دائماً يعيد اختراع نفسه، إنه كطائر العنقاء يحتاج أحياناً إلى التحول إلى أجزاء ليولد من جديد”.. وفي المعاني نفسها الدالة على أحوال البشر، تلك الجموع التي استقبلت منتخب الأرجنتين لحظة وصوله لبيونس أيرس.. لقد رفعوا اللافتات من أجل التخفيف عن اللاعبين ومارادونا.. وأعلنوا تأييدهم لاستمرار دييجو من أجل مونديال 2014، فلم يتمالك نفسه فبكى، كما يبكي الطفل الصغير.. إنها المشاعر الإنسانية ولحظات الصدق التي لا تقدر بمال ولا تنفع معها الشهرة. - بدأت جماهير المونديال في الانقسام ما بين أحقية منتخب ألمانيا وأحقية منتخب إسبانيا في الفوز اليوم والانتقال إلى المباراة النهائية.. هناك من يرى إبداعاً في صفوف الإسبان ويرى ضرورة لولادة بطل جديد هو الأحق كونه بطلاً لأوربا وأكثر المنتخبات ثباتاً في السنوات الثلاث الأخيرة.. وهناك من يرى أداء لم يحدث من قبل في المنتخب الألماني عن طريق نخبة شابة تلعب بروح الفريق وروح ألمانيا القوية الجادة الصارمة.. وما بين هذا وذاك، أعتقد أن المتعة ستتواصل.. وأراني في حيرة ما بين حلم إسباني يريد أن يرى النور للمرة الأولى في تاريخه، وهذا حق الكرة الإسبانية التي تمتع العالم، وما بين منتخب يلعب كرة جديدة ممزوجة بالقوة والإمتاع، إذا كان لا بد من تعاطف فهي مع الإسبان، وإن كان لا بد من توقع فهي مع الألمان. - لم يعجبني مطلقاً مصطلح “المنتخب الشرير”، الذي أطلقته بعض وسائل الإعلام على المنتخب الأوروجواني الذي زاحم الكبار في الدور قبل النهائي، أنا لا أعرف النتيجة التي انتهت عليها مباراته بالأمس مع هولندا، لكنه لم يسرق أحداً، وكان مقنعاً ومكافحاً ونموذجاً لكل المتطلعين للمجد، أحييه إذا فاز وأحييه إذا خسر. أما بعد أعتقد أن أروع مباريات كأس العالم ستكون اليوم، فهي النهائي المبكر الثاني بعد النهائي الأول الذي جمع الألمان والأرجنتين.. لكن عليك أن تلاحظ أن الألمان كانوا طرفاً في الاثنين! mahmoud_alrabiey@admedia.ae