دُون أن يدري أحدنا تتحوَّل متابعته لأخبار العالم من حوله، وما يجري من أحداث، إلى إدمان يجر عليه الكثير من التبعات التي ترافق كل إدمان، خاصة حين يكون يعمل في إحدى وسائل الإعلام، فتتحول حياته إلى أخبار بأخبار، وما أدراك ما الأخبار التي تحولت اليوم إلى حروب في كل مكان تأكل الأخضر واليابس. لم أتنبه لإدماني الأخبار عن طريق الصحف والتلفاز والإنترنت، إلا عندما أصدرت زوجتي المصون قراراً بمنعي من اصطحاب الصحف إلى البيت، ومنعي من مشاهدة الأخبار أكثر من مرة واحدة في اليوم، فقد لاحظت تأثري السلبي بالأخبار التي لا تسرّ في الغالب، لأنها ملأى بالحروب التي لا تنال على الأكثر الجاني، مما جعلني «عصبياً» متجهم الوجه شاحباً دائماً! الحَرْبُ: نَقِيضُ السِّلم، أنثى، وأصلها الصِّفةُ كأنها مُقاتَلَةٌ حَرْبٌ: وأنّثُوا الحَرْبَ، لأنهم ذهَبُوا بها إلى المُحارَبة، وكذلك السِّلْمُ والسَّلْمُ، يُذْهَبُ بهما إِلى المُسالمةِ فتؤَنث. ورجُلٌ حَرْبٌ ومِحْرَبٌ، بكسر الميم، ومِحْرابٌ: شَديدُ الحَرْبِ، شُجاعٌ.. وقيل: الحرب رحى ثقالها الصبر، وقطبها المكر، ومدارها الاجتهاد، وثقافها الأناة، وزمامها الحذر، ولكل شيء من هذه ثمرة فثمرة الصبر التأييد، وثمرة المكر الظفر، وثمرة الاجتهاد التوفيق، وثمرة الأناة اليمن، وثمرة الحذر السلامة‏.‏ ولكل مقام مقال ولكل زمان رجال والحرب بين الناس سجال والرأي فيها أبلغ من القتال‏.‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعمرو بن معد يكرب‏:‏ صف لنا الحرب قال‏:‏ مرة المذاق إذا كشفت عن ساق من صبر فيها عرف ومن نكل عنها تلف ثم أنشأ يقول‏:‏ الحـــربُ أولُ ما تكــونُ فتيــةً تسعى بزينتهــــا لكل جهولِ حتى إذا استعرت وشبّ ضرامُها عادت عجــوزاً غير ذات خليلِ شمطاء جزت رأسها وتنكــرت مكروهـة للشـــمّ والتقبيــــلِ وقيل لعنترة بن شداد:‏ صف لنا الحرب‏،‏ فقال‏:‏ أولها شكوى وأوسطها نجوى وآخرها بلوى‏.‏ وقال الكميت‏: الناسُ في الحرب شتّى وهي مقبلةٌ ويســــتوون إذا ما أدبرَ القبلُ كلٌّ بأمـــسيّهم طـبٌّ مولّيــــــةً والعالمون بذي غدويّهم قللُ وقال نصر بن سياد صاحب خراسان يصف الحرب ومبتدأ أمرها‏: أرى خَلَلَ الرّمادِ وَمِيــضَ جَمْــرٍ ويُوشِــكُ أَنْ يكُـــونَ لـه ضِرامُ فإِنْ لَمْ يُطْفــــِهِ عُقَــلاءُ قَـــوْمٍ فـإنّ وَقُــــودَهُ جُثَـــثٌ وهـــامُ فـإِنَّ النَّــارَ بالعُودَيـْنِ تُـــــذْك وإنّ الحَـــرْبَ أوّلُهــــــا كَـــلامُ والعرب تقول‏:‏ الحرب غشوم لأنها تنال غير الجاني. قال أبو تمام‏:‏ والحَرْبُ تَرِكَبُ رَأْسَها في مَشهدٍ عدلَ السفيهُ به بألـفِ حليــمِ في سـاعة لو أن لقمانــاً بهــــا وهْــوَ الْحَــكِيمُ لَصَارَ غيرَ حَكيمَ جثمت طيورُ الموتِ في أوكارهـا فتركنَ طــيرَ العقــل غير جثومِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae