منتديات الحوار عبر الإنترنت
أتصفح الكثير من منتديات الحوار التي ينشئها شباب إماراتيون عبر شبكة الانترت، وأقرأ فيها بشكل يومي نوعيات رائعة من الحوارات والنقاشات التي تدور بينهم، والقضايا التي يهتمون بها، فيزداد يقيني بأن الامارات ستظل دائما بخير طالما أن شبابها يفكرون بهذه الطريقة ويتحاورون بهذا الوعي والفهم لكل ما يحيط بهم، وعليه فلن أدخل نفسي في متاهة البحث عن حقيقة هؤلاء الشباب، ولماذا يكتبون بأسماء مستعارة (يكفي أنهم يستخدمون أسماء اماراتية قديمة على وشك الاندثار وهو أمر يثير في داخلي الكثير من البهجة).
لذلك لا يعنيني أن أعرف ما هي أسماؤهم الحقيقية، وهل هم طلاب أم موظفون أم رجال أعمال أم اعلاميون يكتبون عبر الانترنت، لن أدخل في متاهة هذه الأسئلة لأنني أعلم سلفا أنني لن أحصل على اجابات شافية أو حتى غير شافية، لكنني أستمتع يوميا بمتابعة ما يكتبه الشباب في هذه المنتديات ويكبر قلبي كثيرا بهذه النوعية من النقاشات التي تضع الامارات في عمق اهتماماتهم وبشكل بعيد عن الغوغائية والجعجعة والمجاملات الفارغة التي يسقط فيها بعض الكتاب الصحفيين.
يهتم أصحاب هذه المنتديات الحوارية بالقضايا الوطنية الصرفة كما أرى من خلال متابعتي اليومية، كما أنهم ينأون بأنفسهم عن السقطات المباشرة والمكشوفة فيما يتعلق بالتعدي على الآخرين أو النيل من سمعة الشخصيات العامة، إن بنشر الاخبار أو كتابة الرأي، وهم لا يدخلون في مهاترات كلامية عقيمة، كما لا يسمحون بنشر مشاركات مخالفة لقانون النشر، إنهم محترمون جدا ومتفهمون جدا وواعون لكل ما يحدث حولهم في البلد.
أهم ما تحققه أو حققته هذه المنتديات الحوارية هو التفاعل مع شريحة واسعة من الشباب من طلاب الثانوية والجامعات من الذين يستخدمون الانترنت بشكل دائم ويتحاورون مع بعضهم من خلال تقنيات الاتصال الحديثة، وهؤلاء الشباب لديهم أفق أكثر حرية وانفتاحا من الاجيال الأكبر سنا بحكم طبيعة التعليم الذي يتلقونه أولا، وبحكم اللغة الانجليزية التي أتاحت لهم فرص الاطلاع على اعلام وآراء وثقافات الشعوب الاخرى، إضافة الى أنهم جيل أكثر عملية ووضوحا وصراحة حتى وإن بدا لنا أنهم لا يتفاعلون مع الاخرين وأنهم أكثر انزواءً وانسلاخا عن محيطهم.
لقد اطلعت في الاسبوع الفائت على عدة مواقع انترنت إماراتية، فوجدت متابعة دقيقة وحية ووطنية لمجمل القضايا التي ثارت على الساحة الامارتية، حيث لم تسمح هذه المنتديات بالحوار الهابط ولا الآراء المهينة لأحد، ولكنها أتاحت مساحة جيدة من الحرية نحتاجها جميعا للتعبير عن ما نريد دون أن يرتطم رأسنا بالسقف الزجاجي.
ما يعني أنها ومع مرور الايام ستزداد انتشار وشعبية بين أجيال الشباب الحالى وسيتحولون اليها كمصدر أول ورئيس للأخبار والآراء، ما يضع تحديا كبيرا أمام الصحافة التقليدية أولا والتي يتعين عليها أن تعالج قضية الحرية الاعلامية بشكل حاسم، كما سيضع تحديا على عاتق هذه المنتديات التي سيكون مطلوب منها أن تكون أكثر احترافا في كتابة الاخبار وتحليل الاحداث وتوفير البيانات والمعلومات بواسطة اختصاصيين وكتاب من أصحاب الوزن العلمي الثقيل.