قالت هي «لقد أكملت 18 عاماً، لا أحد لديه الحق في أن يُملي عليّ ما يريد». ويردد هو «الآن أستطيع أن أسوق السيارة وأسافر وحدي، لا يحق لأحد منعي».. «أنا عاقل الآن... وأنا فاهمة!»، كلام يردده بعض الذين ينظرون إلى السن القانونية على أنها إثبات لسلامة القوى العقلية ورجاحة الرأي، بالإضافة إلى الراغبين في إثبات أنفسهم.. العمر يزيدك وقاراً وأنت تزيده احتراماً.
في الطفولة، نحلم بالكبر ونراه عصا سحرية تسهم في تحقيق هذه الأحلام التي بنيناها.. «عندما أكبر سأصبح طياراً.. عندما أكبر سأغدو شاعراً.. عندما أكبر.. إلخ»، ويبدو أننا ترجمنا حال هذه الأمنيات التي ارتبطت بالعمر إلى حقيقة.. فلن نستطيع فعل شيء إن لم نكبر!
لكل مرحلة جمالها، وتسمية المراحل ليست بالضرورة تقليلاً من شأن الآخرين؛ فكلام الأطفال دائماً ما يُفسر على أنه «كلام عيال، لا أهمية له»، بمعنى أنه أي خبر أو معلومة تأتي على لسان الطفل لا تؤخذ في كثير من الأحيان بعين الاعتبار.. كذلك الأمر بالنسبة للمراهقة، فعندما نطلق كلمة مراهق ليس بالضرورة أننا نحصر هذه الفئة في نمط «المندفع والمتهور والثائر»؛ لأن ليس كل المراهقين يحملون السمة نفسها.
فوق 18، التي تكتب تحت بعض ملصقات الأفلام لا تعني أن الأفراد الذين فوق هذه السن لن يتأثروا، ولكنها ترجح أن من هو تحت هذه السن سيتأثر، كما أنها في أحيان كثيرة تستخدم للجذب!
لا عمر للقراءة، هكذا يرى بعض المتطرفين للمعرفة.. هناك عمر للقراءة، هناك عمر للمعرفة، فالتسلسل المعرفي لمختلف الفئات العمرية جداً مهم؛ لأنه يرتبط هنا بالركائز والثوابت اللازمة لتوازن الأفراد.
وتحديد فترة النضج دائماً ما ارتبطت بتصرفات الأفراد، هناك من يراها تبدأ في سن الـ18، وهناك من يرجح أنها في عمر 21 عاماً.
افتخر الأدب العربي بالشيب، وهو أحد أبرز علامات الكبر ومجده، فقال أبو تمام:
?رأيت الشيب لاح فقلت أهـلاً وودعت الغـواية والشباب?وما إن شـبت من كـبر ولكـن رأيت من الأحــبة ما أشابا
الحياة في مجملها تخضع لمقياس العمر، فالأحافير والحضارات والأرض والتكوينات زادتها السنين قيمة، فجاء التاريخ الإنساني بطلاً على قمة هذه الحضارات وأساساً في رسوخها ووجودها. فوق الـ18 وتحت الـ18 والنضج الحقيقي المرتبط بالمعرفة والبعد الإنساني والتوازن ورجاحة العقل مازالت قيد البحث، فالاستثناءات كثيرة والواقع يختلف أحياناً مع كل المقياس.


ameena.awadh@admedia.ae