في الطريق من مركز المدينة - أبوظبي - إلى مدينة خليفة العامرة، الساحرة، على لحن الأخضر اليافع، والطيور بألوانها وأطيافها، تعزف سيمفونية الحب والجمال.. وأنت تسير في الطريق، تحفك ظلال الأشجار المغسولة بلون الشمس، والخيوط الذهبية ترصع المكان، وتأتي بالزمان، محركاً الأشجان والوجدان.. في هذا الاتساع الجميل، والالتفاف النبيل، تود لو أن الناس الذين يستخدمون هذه الطرق، يعاملون الزوايا والأرصفة بشيء من الحنان، ولا يلقون بمخلفاتهم في عرض الطريق، فيشوهون، ويسوفون، ويعبثون، ويسيئون إلى الجهود المخلصة التي تكللت بكل جودة وتميز.. تود لو أن الناس يعرفون معنى الجمال، وترتقي ذائقتهم إلى مستوى الصانع الذي قلّد المدينة، بأبهى وأزهى الحلل، وصاغ الأرض وما يحيطها في لوحة تشكيلية، رائعة، مبدعة، مترعة بما ترفل به من أزياء السؤدد والأمان، والاطمئنان. تود لو أن الناس يقدرون هذا الجهد، ولا يفتحون أبواب سياراتهم ويقذفون ما تختزنه صدورهم من غث، ثم يمضون بلا مبالاة، ولا يعنيهم من قريب أو بعيد، ما يفعلون وما يرتكبون من تصرفات أقرب إلى العبث، وقانون الغاب، والفوضى التي تهتز منها الجبال وتميد الأرض.. ولو أن للتراب لساناً، لبصق في وجوه الذين يلوثون حباته الطاهرة، بسلوكيات لا تمت إلى القيم الحضارية بصلة. نود أن يحفظ الناس الود لهذه الأرض، ويبادلونها الحب كما منحتهم إياه، وقدّمته لهم بكل سخاء ورخاء، وجزيل عطاء.. تود لو أن الناس الذين يمارسون مثل هذه العادات المشينة، أن يتخلصوا من عفنها، ويتحرروا من رثها، ويرتقوا إلى مستوى المدينة العامرة، بكل أشكال الرقي والتطور.. نود أن يقدر بعض الناس هذا المعين الذي لا ينضب من فضائل بلادنا، وتتحرك ضمائرهم قليلاً، فقليل من الحياء لا يضر، بل يَسُر ويُعمر القلوب بعقيدة الانتماء الذي نمشي على ترابه.. نود لو أن بعض الناس يفكرون في المكان الذين يستخدمونه كمرفق عام، كما هو المسكن الذي يسكنونه، أو السيارة التي يستقلونها أو الثياب التي يرتدونها. نود أشياء كثيرة تغير عادات الناس السيئة، وتغير تصرفاتهم، لنحمي مدينتنا من البقع اللزجة، وبقايا الطعام المنتشرة في أماكن كثيرة.. نود كثيراً من الأشياء التي يجب أن تعمر قلوب الناس، وتنير عقولهم، وتضيء أذهانهم حتى لا يعتموا المكان بالبقايا، والنوايا الرديئة