هي تذكرة سينما، وكيس «فشار»، كأشياء مرتبطة بالسينما التي أول ما عرفها الناس في أبوظبي والعين، عن طريق الإنجليز، أيام كشافة ساحل عُمان، وبعدها قوة دفاع أبوظبي، وذلك قبل أن تقام دور العرض المختلفة، وقبل أن يعرض بيت الحاكم عروضاً سينمائية متفرقة بالقرب من القصر، وفي العين كانت العروض عند قصر الشيخ زايد - رحمه الله - الذي تحول اليوم لمتحف، وبلون رملي يختلف عن صبغته الأولى بالأبيض والنورّة، وبعدها انتقلت هذه العروض عند بيت حياة «غريب» الذي لم يكن بعيداً عن القصر، وكان الناس يلحون على الحضور كل ليلة، فعمد إلى إقامة «صليب» مضاء لتستدل على وجود عرض من عدمه، فقد كانت سينما الجيش تشغل عروضها في الهواء الطلق أو ما يعرف باسم القوافل السينمائية المتنقلة، وفي سيارات خاصة، كانت مجهزة بشاشة وأجهزة سمعية وميكرفونات وغيرها من الوسائل، ويمكنها أن تكون في المنامة، ثم في الحمراء أو المرفأ أو العين. أول ما شاهدته من هذه العروض السينمائية البدائية التي كان جيش «تي.أو. أس» يعرضها للجنود، ويمكن أن يشاهدها الأهالي الـ «سيفلين»، عرض في قلعة الجاهلي بالعين في الساحة المحيطة بها، وكانت الشاشة جدار القلعة المصبوغ بالنورّة، ثم شاهدت عروضاً في معسكر «آل نهيان» في أبوظبي، عند «ميز» الأفراد، فـ «ميز» الضباط كان مقتصراً على الضباط الإنجليز، وبعض الضباط المحليين القليلين في ذلك الوقت، كانت العروض في ساحة يمكن أن تلعب فيها كرة أو يصطف فيها الجنود في الطابور الصباحي، كانت عروضا شبه شهرية منتظمة، تعرض أفلاماً أجنبية وبالذات أفلام الـ «كاوبوي» فقد كانت تعجبنا كثيراً حركة المسدس الدائرية، وإسقاطه بسرعة في جيب المحزم الجلدي، كما كانت تعرض أفلاماً عربية مضحكة، مثل أفلام «إسماعيل ياسين» وأفلام مغامرات «فريد شوقي» و«محمود المليجي» وعصابته أو أفلام تاريخية كفيلم عنتر وعبلة، وعنتر يغزو الصحراء، والفارس الأسود وغيرها، كنا لا نمل من إعادة عرض الفيلم، وتجدنا نضحك على الحركة نفسها، ولو حفظنا الفيلم عن ظهر قلب، فأدوات التسلية في ذلك الوقت المبكر كانت قليلة، والسينما فن مدهش بلا شك، فقد كانت ترعب بعض البدو، ويخاف منها الناس القرويون البسطاء، لكنها كانت تحظى في النهاية بحب الجميع، خاصة بعد أن يظل الناس يسردون قصة الفيلم، وما فعل البطل والبطلة، وما فيه من أشياء مضحكة أو مؤثرة، بطرقهم المختلفة، وأحياناً يزيدون عليها من عندهم، حينها كان للسينما وهج مميز، وغداً نكمل..