شيء يغضب الرجال ويفرح النساء
عندما تهل المناسبات الاحتفالية والدينية تجد الرجال غاضبين، حانقين، عابسين، بائسين، مقطبي الحواجب، محدقين في وجوه الزوجات وكأنهم يقرأون ما يدور في رؤوسهن وما تحيكه خواطرهن.
الرجال مكدورون، منكوبون، مخضوضون من سوء ما تبشر به الأيام التي تحمل من تباشير ما لا يحمد عقباه.
أما النساء فهن سعيدات، فرحات، صبورات، منشرحات الصدور، متوردات الثغور، باسمات، يافعات، نافحات بالبخور والعطور..
في هذه المناسبات يجد الرجال أنهم يقعون تحت سطوة مؤامرة نسائية كونية، وأنهم سيخوضون حرباً كاسرة أمام أعين نساء محدقات في الجيوب ولا شيء غير الجيوب التي ستنزف وسوف تغرف وتعزف بالأنين الحزين..
الرجال يعرفون أن هذه المناسبات لا تأتي إلا من أجل أن يكونوا هم ضحية الصرف والغرف والنزف وذرف الفلوس الأشبه بالدموع التي تسح من العيون وتغرق الجفون.
صحيح أن بعضهم يقدم ما عنده عن طيب خاطر، لكن هذا الخاطر يظل مكسوراً، مدحوراً، محسوراً لأنه لا يملك غير الطاعة، وتلبية النداء النسوي، لأنه لا حيلة لهم أمام العيون الجميلة غير القول شبيك لبيك، وما لدي هو بين يديك..
يقولون ذلك وهم يعرفون أنهم لا يملكون غير الانصياع للأمر الواقع، وإلا قيل لهم: ألستم أنتم قوامون على النساء؟ فيقولون: نعم.. فيقال لهم: إذاً ادفعوا ولا تدمعوا، وارتعوا ولا تمنعوا، وحتى لو تداينتم واستلفتم واقترضتم، فهذا شأن الرجال كونهم الذين أنيطت بهم مسؤولية القوامة والاستقامة المستدامة التي لا بعدها ولا قبلها ملامة.. الأمر الذي يجعلهم يكظمون الغيظ سراً ويكبتون الحنق في الصدور، راضين بالقسمة والنصيب على مضض..
أما النساء فهذه المناسبات هي الفرصة التي فيها ينقضون على الفرائس ليصبحن عرائس وينتقمن من الذين عرضوا الشنب، وقطفوا من التين والعنب، وتربعوا على عرش الرجولة وبلا سبب غير أنهم ذكور والآخريات نساء..
الرجال يدفعون ثمن رجولتهم دراهم غير معدودات ولا محسوبات ولا ناقصات، ويقدمونها بيد ممدودة، وقلوب مشدودة، وأرواح مكدودة، وأجساد مهدودة.. ويقولون سراً: يارب خفف عنا هول المناسبات، واجعلها واحدة بدلاً من العشرات.