لا تزال جمعيات النفع العام في بلادنا بلا نفع ولا دفع ولا شفع، ولا نصب ولا رفع، بل هي جمعيات تعيش في حالة غيبوبة في غرف إنعاش مستديمة، ولا علاقة لها لا من قريب أو من بعيد بما يحصل في الواقع الاجتماعي والسياسي، فبعد انشغالها في انتخابات الربح والخسارة أصبحت الآن مشغولة بتأثيث مكاتب الإداريين وترتيب أمورهم، ولا أعتقد أنها سمعت بما قامت به إيران من إنشاء مكتبين إداريين على جزيرة أبوموسى المحتلة ولن تسمع، ولو سمعت فهي لا تستطيع أن تنهض وترفع الرأس لتتابع ما يستجد من أحداث تهم البلد وتدخل في صميم السيادة وجوهر العمل الوطني لأي جمعية وخاصة جمعية الصحفيين، هذه الجمعية التي كان ينبغي أن تكون صوتاً للبلد وقلماً يسطر الهموم ويكشف عن الغيوم ويسلط الضوء على الأحداث التي تمس كيان الإمارات وشؤون شعبها وشجونه· ولا أدري لماذا لم يسأل أحد من الإداريين في جمعية الصحفيين لماذا أنشئت هذه الجمعية وما دورها في المجتمع، وما المسؤولية المناطة بها وبالذين يتبوأوا مناصبها، ونحن نعتبرهم قادة رأي، أصحاب كلمة، ولا أدري لماذا تخرس كلمات الجمعية أمام القضايا المحورية، وتصم الآذان وتكمم الأفواه، وتعمى الأبصار أمام حدث يهز الوجدان كونه دولة جارة تمارس دوراً مشبوهاً في المنطقة وتحتل وتتوسع وتسيطر وتستولي على أرض غير أرضها، وإخواننا وأحبتنا في جمعية الصحفيين يلتزمون الصمت ويهدرون الوقت، فيما لا يجدي ولا يفيد· كنت أتصور وغيري من الناس أيضاً يتوخون من هذه الجمعية الموقرة أن تقول كلمة حق أمام طغيان ظالم وتصرفات فاشية جاءت على حساب دولة محبة ومسالمة ويدها ممدودة دوماً للوئام والسلام واحترام الآخر· كنت أتمنى أن تحرك الجمعية التي تضم جهابذة الكلام وفطاحلته، وأن تقول شيئاً حول قضية الاحتلال، وأن تجند الأقلام ليصل صوت المخلصين إلى الجمعيات والاتحادات الصحفية في العالم لتكشف الجمعية عن عنجهية التصرفات أو همجية الاحتلال على أرض أبوموسى، وأن تعمل الجمعية بكل جهد وبذل من أجل ترسيخ واقع الرفض لهذا الاحتلال، ولكن للأسف كل هذا لم يحصل ولم تنطق الجمعية ببنت شفة، وكأن التصرفات الإيرانية في جزيرة أبوموسى لا تني الجمعية، بل إن جمعيتنا ممكن أن تتحدث عن كل قضايا العالم ما عدا ما يهم البلد ويدخل في صلب سيادتها وكيانها· لا أريد أن أوبخ أحداً، ولكنه عتب من محب لجمعية يريدها أن تقوم بدورها، وأن تنهض من سلبيتها، وأن تنفض الغبار عن ثوبها الكسول الخمول·· ولي الحق هنا أن أخص جمعية الصحفيين لأنها جمعية لم تنشأ في الأساس لإعطاء دور من لا دور له، ومنح شغل لمن لا شغل له، بل إن على أعضائها وإدارييها دورَ الحياة وتفعيل دورة المجتمع في تحريك القضايا باتجاه المصلحة العامة، وما يفيد الوطن ويرفع من شأنه، ويمنع عنه الإساءة من أي كائن كان· كان على الجمعية أن تكون في مقدمة الصفوف، مدافعة ومكافحة عن حق الإمارات في جزيرتها بالأساليب الحضارية المتبعة في العالم عندما تكون الحقوق مهضومة، والسيادة مقضومة، والمشاعر مكظومة، والنفوس مهمومة·· كل هذا لم يحصل، وجمعية الصحفيين ومعها جمعيات أكثر لا تزال تغط في سبات عميق، وبعضها لم يستعد إلا لانتخابات قادمة وعقد التربيطات والصفقات والعلاقات العامة·